للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: ٣٦]. وذِكْر الشركِ والمشركين في القرآن وذَمِّهم أعظم من أن يُذكر هنا.

فدعوى المدَّعي أن كلَّ عابدٍ فما عبد إلا الله، وأن الله ذكر ذلك في كتابه= من أعظم الإفك والبهتان من طائفة تدَّعي أنها أفضل أرباب التحقيق والتوحيد والعرفان!! فهذا وأمثاله من علم الملحدين أهل الوحدة، الذين يقولون: الوجود واحد.

واعلم أن الحلول نوعان: حلول مطلق، وحلول مقيد (١).

فالحلول المطلق؛ قول الجهمية وأتباعهم من متصوفتهم الذين يقولون: إن الله بذاته في كل مكان. وهم مضطربون (٢) في هذا الباب لتناقضه، وردُّ السلف والأئمة عليهم كثير.

وهؤلاء أهل الوحدة من شرِّ هؤلاء، فإنَّ هؤلاء جعلوا الوجود الخالق هو الوجود المخلوق، وإن أثبتوا تعدُّدًا وسموا ذلك المظاهر، وفرقوا بين [م ٧٧] الثبوت والظهور والوجود ونحو ذلك، فهو كلام متناقض لا حقيقة له، بل يجمعون بين النقيضين، كما يصنع إخوانهم المتفلسفة في واجب الوجود؛ إذ يصفونه بصفات الممتنع الوجود، فيجمعون بين النقيضين.

وكذلك إخوانهم النصارى؛ إذ قالوا: واحدًا بالذات ثلاثة بالأقنوم، ثم يقولون: إن المتحد بالمسيح هو أقنوم الابن فقط دون الأب وروح القدس،


(١) انظر ما سبق (ص ١٩٣).
(٢) (م): «مضطربين».