للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما يُذكر عن بعض (١) النُّساك والزهاد أنهم يقولون: إنهم يرون الله بأعينهم في الدنيا= هو من هذا الباب .... [م ٨٩] ... (٢) ولهم صدق في العبادة والزهد (٣).

وكثير من الشيوخ والمتكلمين في المعرفة، ومنازل السائرين، وحقائق التوحيد= يظنون أن هذا المقام ــ مقام الفناء ــ هو غاية السالكين، وهو منتهى الواصلين.

وكذلك المتفلسفة الذين تكلموا في مقامات العارفين، كابن سينا في «الإشارات»، وأبي بكر بن الطفيل صاحب «رسالة حي بن يقظان»، وغيرها (٤) = عندهم أن هذا هو غاية العارفين.

وهؤلاء المتفلسفة أمرهم على أصلين فاسدين:

أحدهما: أن كمال الإنسان ونهايته هو مجرد أن يعلم الوجود على ما هو عليه، وجعلوا جنس الأخلاق والعبادات والأعمال ونحو ذلك، إنما يُطْلَب لكونه وسيلة إلى المعرفة فقط، فهي تُقْصَد قَصْد الوسائل فقط، كما تُركَب الإبل وتُقطع المسافة لأجل الحج، ولهذا استخفَّ هؤلاء بجنس المحبة


(١) «عن بعض» غير واضحة في (م)، ولعلها ما أثبت.
(٢) مقدار أربع كلمات (آخر ق ٨٨ - وأول ق ٨٩) ليست واضحة في (م)، وأثبتت في طبعة دار الصحابة هكذا: «حتى وإن كانوا من الزهاد» والظاهر بُعد هذه القراءة.
(٣) انظر «الفتاوى- التوسل والوسيلة»: (١/ ١٧٢)، (٥/ ٤٨٩ - ٤٩١ - حديث النزول)، (٦/ ٥١٢).
(٤) كذا في (م)، ولعلها: «وغيرهما»، إلا إن عاد الضمير على رسالة حي بن يقظان، وهو بعيد.