للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القيامة، ويكلمهم في عرصات القيامة وفي الجنة، كما نطقت بذلك الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

فقول القائل: «بقي من أشير إليه لا وصف له ولا صفة ولا ذات، فاضمحلت النعوت والأسماء والصفات، فلا اسم ولا صفة ولا ذات» (٢) يطابق قول هؤلاء، وهذا إن أراد به أن الله نفسه تعدم صفاته، فهذا من أظهر الباطل، فإن صفاته القائمة بذاته لا تعدم. وإن أراد أني أشهده بلا صفة، فهذا شهودٌ ناقص، وهو نقص علمٍ وإيمان، وإن أراد أني أشهده بحقيقته وهي في نفس الأمر لا صفة لها ولا اسم، فهذا مذهب هؤلاء الملاحدة، وهو مذهب ملاحدة الإسماعيلية [م ٧٤] الذين هم شرٌّ من هؤلاء.

وقوله: «لا اسم ولا صفة ولا ذات» قد يُريد بالذات القائم بنفسه، فإنه يشهد وجودًا مطلقًا أطلسًا (٣)، ليس فيه شيء قائم بنفسه فيكون ذاتًا، ولا قائم بغيره فيكون صفة.


(١) انظر جملة منها في «صحيح البخاري» كتاب التوحيد، باب قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤]، ومسلم (١٦٢، ١٩٣، ٢٦٥٢).
(٢) سبق النص (ص ١٦٣).
(٣) (م): «أطلس». يقال: طَلَسَ بصره، أي ذهب. وانطلس أثره، أي خفي. انظر «تاج العروس»: (٨/ ٣٤٢).