للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصفوه إلا بالسُّلُوب، حتى جعلوا الوجود الواجب الذي هو أحق الموجودات بالكمال الوجودي إنما يوصف بالسلوب التي تجعله في حَيِّز الممتنعات التي تُقَدَّر في الأذهان، ويمتنع وجوده في الأعيان، كقولهم: إنه الوجود المطلق بشرط الإطلاق المقيد بالنفي عن كل الإثبات، مع علمهم بأن المطلق بشرط الإطلاق لا يكون إلا في الأذهان لا في الأعيان، وهذا قول أهل الإحاطة (١)، [م ٥٥] وقول طائفة من الباطنية القرامطة. وقولُ ابن سينا وغيره: إنه الوجود المقيَّد بسَلْب كلِّ حقيقة، فجعله مشاركًا للموجودات الممكنة في مسمى الوجود، وهي تمتاز عنه بأمور وجودية، وهو لا يمتاز عنها إلا بأمور عَدَمية، والوجود أكمل من العدم، فلازمُ قوله أن يكون وجود كل ممكن ــ حتى البعوضة ــ أكمل من وجود واجب الوجود.

وأيضًا: فإن المشتركين في أمر ثُبوتيّ لا يتميز أحدُهما عن الآخر لمجرد أمرٍ عدمي، ولهذا يقولون: إن الفصول والخواص التي تميز بين الأنواع لا تكون عدمًا محضًا، بل لابدَّ أن تتضمن ثبوتًا؛ لأن العدم المحض لا يميز أحد المشتركين في الوجود عن صاحبه. وقد بُسِط الكلامُ على هؤلاء في غير هذا الموضع (٢)، والمقصود هنا أن تعرف مراد الناس بلفظ النفس والروح.

وكذلك «القلب» يراد به المُضْغة الصَّنَوْبَرية الشكل التي في الجسد مجرَّدةً، والبهيمةُ لها قلبٌ بهذا المعنى.


(١) انظر كلام المصنف عليهم ومناظرته مع بعض حُذَّاقهم «الصفدية»: (١/ ٢٩٦).
(٢) انظر «الصفدية»: (١/ ١١٢)، و «الرد على المنطقيين» (ص ٤٠٧)، و «منهاج السنة»: (٨/ ٣٨).