للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذات واحدة.

ومن هذا الباب أسماء الرسول، وأسماء القرآن، بل وأسماء الله الحسنى، فإن هذه الأسماء تدل على ذات واحدة باعتبار صفات متعددة، وهذه الأسماء مترادفة في الذات متباينة في الصفات، ويسميها بعضُ الناس: المتكافئة، وهي مَرْتبة (١) بين المترادفة المَحْضة وبين المتباينة المَحْضة.

وقد يراد بلفظ الروح البخار الخارج من القلب، وهو لغة الأطباء.

وقد يراد بلفظ الروح الهواء الذي يخرج من البدن. وطائفة من الناس يظنون أن هذا الهواء هو الروح المنفوخة في الإنسان التي تُقْبض وقت الموت.

والصواب الذي عليه السلف والأئمة: أن تلك الروح ليست هي البدن ولا جزءًا من البدن، ولا صفةً من صفات البدن، كما يقول ذلك مَن يقوله من أهل الكلام. ولا هي أيضًا مجردة عن الصفات الثبوتية والأفعال، كما تزعم المتفلسفة الذين يقولون: إنها لا تصعد ولا تنزل، ولا تتحرك ولا تسكن، ولا تدخل ولا تخرج، ولا يتميز منها شيء عن شيء (٢).

ويقول طائفة منهم كابن سينا: إنها لا تُدرِك الجزئيات المعينة، إلى غير ذلك من أقوال النُّفاة الذين قالوا فيها نظيرَ قولِهم في واجب الوجود، فلم


(١) ضبطت في (م): «مُرَتّبة»!
(٢) للمصنف رسالة في «الروح» ضمن «الفتاوى»: (٤/ ٢١٦ - ٢٣١)، وأخرى في العقل والروح، انظر كلامه على الروح فيها «الفتاوى»: (٩/ ٢٨٩ - ٣٠٤). ولتلميذه ابن القيم كتابه المشهور «الروح».