للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيرازي لمَّا دعاني إلى هذا المذهب. فقلت له: هذا يشبه قول فرعون، فقال: نعم نحن على قول فرعون. قلت له: صرَّحَ لك بهذا؟ قال: نعم، فقلت: مع إقرار الخصم لا يحتاج إلى بينة. وكان لم يُسْلِم بعد. قال: فقلتُ له: أنا لا أدع موسى وأذهب إلى فرعون. فقال: لِمَ؟ قلتُ: لأنَّ موسى غرَّق فرعون. فقلت له: نفعَتْك اليهودية، يهوديٌّ خير من فرعوني (١).

وأما قوله: «أعوذ بك منك» فهذه الكلمة مأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢) لكنه لم يُرِد بها ما أراده النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هي كلمة حق أراد بها هذا القائل معنًى باطلًا حيث قال: «حتى لا أرى غيرك» ومراده: أنه ليس ثَمَّ غير.

كما قال: «محالٌ أن يحجبه غيره»، ثم إن هذا مذهب متناقض (٣)، فإنه إن كان ثَمَّ غير، فقد ثبت التعدُّد، وإن كان ما ثَمَّ غير، فلا يتصور أن يُحْجَب عن الله، حتى يقال له: المحجوب من حُجِبَ عن الله.

وهؤلاء يشهدون وحدة الوجود، وفطرتهم تشهد بتعدُّد الوجود، فلهذا كلامهم دائر بين فطرتهم السليمة ومذاهبهم الذميمة.

ولقد حضر عندي منهم شيخ من شيوخهم وطلب مني شيئًا، فجعلتُ أستنطقه هذا المذهب ليسمعه الحاضرون، فإن من الناس من ينكر وجود هؤلاء ــ مع كثرتهم ــ لفساد مذهبهم في العقل، وكان قد طلب درهمًا، فقلتُ


(١) ذكر المصنف هذه الحكاية في «الفتاوى»: (٢/ ٣٥٩)، (١٣/ ١٨٧ - ١٨٨).
(٢) ضمن حديث أخرجه مسلم (٤٨٦).
(٣) عبارة «ثم إن هذا مذهب متناقض» غير واضحة في مصورتي، واستفدت قراءتها من طبعة دار الصحابة.