للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن كان له خبرة بالحكايات المعروفة عن أصحاب هذا «الحزب» وأمثاله وعَى (١) من ذلك أمورًا (٢).

والواحد منهم يدَّعي في نفسه أنه مِثل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أفضل منه، حتى إذا قيل له: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رأى سِدرة المنتهى كأنَّ ورقها آذانُ الفِيَلة، وكأنَّ نَبِقَها قِلالُ هَجَر (٣)، يقول هو: رأيتُها أصغر من ذلك!! ومن يصحِّح قولَه يتأوَّلُ ذلك على أنه رآها من بعيد. وهذا من الباطل المحض، فإنَّ ذلك الموضع لم يصعد إليه غيرُ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويقول أحدُهم: دخلتُ البارحةَ الجنةَ وأصابَ يدي من شوكِ شجرها، حتى يقول له المُنكِر عليه: شجرُ الجنة لا شوكَ فيه!

إلى أمورٍ أُخَر من جنس هذه الحكايات، قد سمعتُها أنا وغيري من أتباع هؤلاء، ولولا أني أكره هَتِيْكَتهم (٤) لسميتُ كلَّ واحدٍ من هؤلاء، وذكرتُ من حكاياته ما يتبين كثرة ما دخل عليهم من الخطأ والضلال أو التعمد للكذب، وهذا عقوبة من يطلب مطالعة الغيوب.

ولهذا يوجد كثير من السالكين لا يطلبون التقرُّب إلى الله وطلب رضوانه ورحمته والنجاة من عذابه، بل إنما مطلوبهم نوعٌ من المكاشفة أو


(١) (ت): «علم».
(٢) كما في الحكايات العجيبة المستنكرة المذكورة في «لطائف المنن» لابن عطاء الله، و «درة الأسرار» لابن الصبَّاغ الحميري، و «المفاخر العلية» لابن عيَّاد.
(٣) كما ثبت في البخاري (٣٥٧٠)، ومسلم (١٦٢) في حديث الإسراء والمعراج من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٤) الهتيكة: الفضيحة. انظر «النهاية»: (٥/ ٥٥٣) لابن الأثير، و «اللسان»: (١٠/ ٥٠٢).