للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيضًا إمَّا مخلوق ــ وهو ما خَلَقه غيره ــ وإمَّا غير مخلوق. وهو أيضًا إما فقير إلى غيره، وإما غني ليس فقيرًا (١) إلى غيره، وكل ممكن فلابد له من واجب، وكل مُحْدَث فلابد له من قديم، وكل مخلوق فلابد له من خالقٍ غير مخلوق، وكل فقير فلابد له من غنيّ. فإنَّ وجود الممكن بدون الواجب ممتنع، وكذلك وجود المُحْدَث بدون المُحْدِث، والمخلوق بدون الخالق، والفقير بدون الغنيّ. فثبت أنه لابد في الوجود من موجِد غنيّ قديم خالق واجب بنفسه.

فإن قال: أنا أجعله وجود جميع الموجودات، كما يقول أهل وحدة الوجود.

قيل له: نحن بالمشاهدة والضرورة نعلم أن من الموجودات ما يوجد بعد عدمه، ويعدم بعد وجود، كما نشاهده من أنواع الحيوانات والنباتات والمعادن والسحاب والمطر وغير ذلك مما يحدث بعد عدمه ويُعدم بعد وجوده.

والإنسان [م ١٠٢] يعلم أنه كان بعد أن لم يكن، ويعلم أن بدنه يستحيل، وأمثال ذلك كثير، وكلُّ من عُدِمَ مُدَّة فليس بواجب الوجود ولا قديم، فإن واجب الوجود لا يقبل العدم بوجهٍ من الوجوه.

فقد عُلِمَ بالحسِّ وضرورة العقل، أن الموجود ينقسم إلى واجب وإلى ممكن، وقديم ومُحْدَث، وخالق ومخلوق، وغني بنفسه وفقير إلى غيره.

وعُلِمَ أيضًا أنهما متفقان في مسمّى الوجود والثبوت والشيء والحقيقة


(١) (م): «فقير».