للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل الأئمة العلماء الكبار كرهوا صلاة التسبيح (١) وضعّفوا حديثها كالإمام أحمد وغيره، بل قد بيَّن بعضُهم أنه موضوع، ولم يستحبّها على الصفة المأثورة أحدٌ من علماء المسلمين، لا أبو حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا الثوري ولا الأوزاعي ولا غيرهم، ولكن نُقِل عن ابن المبارك (٢) أنه رخّص فيها على غير الصفة المأثورة، وذلك مِن فقه ابن المبارك؛ فإن فيها أنه يقول بعد السجدة الثانية قبل القيام: «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر عشرًا». ومعلوم أن القعدة الطويلة في هذا الموضع مخالفة للصلاة المشروعة.

وإنما تكلّم الناسُ في جلسة الاستراحة لما فيها من الحديث الصحيح (٣)،


(١) حديث صلاة التسبيح رُوي عن عدد من الصحابة كلها ضعيفة، وأمثلها حديث ابن عباس أخرجه أبو داود (١٢٩٧)، وابن خزيمة (١٢١٦)، والحاكم: (١/ ٣١٧). وأخرجه الترمذي (٤٨٢)، وابن ماجه (١٣٨٦) من حديث أبي رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس به.
وأخرجه أحمد (١٢٢٠٧)، والنسائي (١٢٩٩)، وابن خزيمة (٨٥٠)، وابن حبان (٢٠١١)، والحاكم (١/ ٢٥٥) من حديث أنس بن مالك.
وقد ضعّف أحاديثَها الإمامُ أحمد والعُقيلي والترمذي وابن العربي المالكي وابن الجوزي وعدّها في «الموضوعات» (٢/ ٤٦٥ - ٤٧٠). وضعّفها النووي في عامة كتبه، وتعقّب من قال بمشروعية صلاتها من الشافعية. وصحّح حديثها جمعٌ من العلماء. والأدلة تعضد عدم ثبوتها. ينظر «الفتاوى»: (١١/ ٥٧٩ و ٢٠/ ٣١ - ٣٢)، و «منهاج السنة»: (٧/ ٤٣٤)، و «البدر المنير»: (٤/ ٢٣٥ - ٢٤٣)، وأفردها جماعة بالتأليف كالخطيب وابن الجوزي وابن ناصر الدين وابن طولون وغيرهم.
(٢) نقله الترمذي في «الجامع»: (٢/ ٣٤٨).
(٣) أخرجه البخاري (٨٢٣).