للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتنازعوا هل هي سنة راتبة أو تُفعَل للسنة إذا احتيج إليها لاحتمال أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها للحاجة لمّا بَدُن فلا تكون سنة، أو يكون فعَلَها لأنها من سنة الصلاة (١). وأما قعدة طويلة فلا تُشرَع، فرأى ابنُ المبارك - رحمه الله - أنه لا يمكن إثبات سنة في الصلاة بمثل حديث صلاة التسبيح. وأما سائرها فليس فيها ما يخالف الصلاةَ الشرعية، فتُفْعَل لكونها من الصلوات التي عُلِم أنها مشروعة لا لأجل الحديث الخاصّ فيها، فإن إثبات علم شرعيّ في إيجاب أو استحباب لابدّ له من دليل شرعي، لا يجوز إثباته بحديث لا تقوم به الحجة باتفاق العلماء، بخلاف ما عُلِم أنه مشروع ورُوِيَت أحاديث في الترغيب فيه، فهذه تجوز روايتها إذا لم يُعلَم أنها كذب كما تروى الإسرائيليات على هذا الوجه. وهذا معنى ما رُوي عن بعض الأئمة ــ أحمد وغيره ــ من التساهل في أحاديث الفضائل (٢).

فأما أن يقال: إن هذا مستحبّ من غير دليل شرعي يدلّ على استحبابه، فهذا لا يقوله عالم. فما ثبت أنه مشروع جاز أن يُروى فيه الحديث الذي [ت ٤] لا يُعلَم أنه موضوع. وما لم يثبت أنه مشروع لا يجوز أن يقال: هو مستحبّ ولا واجب.

والذين استحبوا من المتأخرين (٣) من أصحاب الشافعي وأحمد رحمهم الله هذه الصلاة خفي عليهم ما علمه الأئمة الكبار من حال الحديث،


(١) ينظر «مجموع الفتاوى»: (٢٢/ ٤٥١ - ٤٥٢)، و «زاد المعاد»: (١/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٢) ينظر «الكفاية» (ص ١٣٤) للخطيب، و «الجامع»: (٢/ ١٢٢ - ١٢٣) له، و «المدخل إلى الإكليل» (ص ٢٩) للحاكم.
(٣) رسمها: «المستأخرين».