للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت الخوارج تقول: مَن لم يكن برًّا قائمًا بالواجبات تاركًا للمحرمات فهو كافر. فلما مات الحسن البصري صار طائفة ممن كان يصحبه كعَمْرو بن عبيد يقولون: هو فاسق لا مؤمن ولا كافر، وهو مخلَّد في النار، واعتزلوا الجماعةَ فسُمُّوا معتزلة.

وكان قد صَحِبَه طائفة أخرى من النُّسّاك منهم عبد الواحد بن زيد (١)، واختار طريقةً من النُّسُك هو وأتباعه، واتخذوا دُوَيرةً، وهم أول من اعتزل الناس من الصوفية (٢).

ولهم أيضًا طريقة بعضها حقّ وبعضها مذموم، لكنهم أقرب من عَمْرو بن عبيد وأتباعه (٣).

وأما الأئمة من أصحاب الحسن كأيوب السَّخْتِيَاني، وثابت البُنَاني، وعبد الله بن عون، وغيرهم، فهؤلاء سالمون مما يُذم (٤) ممن رُمي ببدعةٍ من أصحابه.

وكان الحسن جليل القدر في العلم والعمل، فكان يسوس الناس في حياته، فلما مات صار بعضُهم يأخذ ما يوافق هواه من كلامه، ويدع ما لا


(١) هو: عبد الواحد بن زيد أبو عبيدة البصري، أحد زهاد البصرة من أصحاب الحسن البصري (ت بعد ١٥٠). انظر: «الجرح والتعديل»: (٦/ ٢٠)، و «الحلية»: (٦/ ١٥٥ - ١٦٥)، و «السير»: (٧/ ١٧٨).
(٢) وكان عبد الرحمن بن مهدي وغيره يسمونهم (الفقريَّة) ذكره المصنف في «الفتاوى»: (١٠/ ٣٥٩).
(٣) انظر مقارنة المصنف بين الطريقتين في «الفتاوى»: (١٠/ ٣٥٨ - ٣٦١).
(٤) كلمة غير واضحة، وهكذا قدرتها. وتحتمل: «من الذم».