للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يقولون: إن النبوَّة مكتسبة، وإنها لم تنقطع، وربما جعلوا الفلاسفة المشهورين من اليونان أهل مَقْدونية كسقراط وأفلاطون وأرسطو ونحوهم أنبياء! وقد يظنون أن ذا القرنين المذكور في القرآن هو الإسكندر الذي كان في زمن أرسطو، وهذا من جهلهم بالسمعيات والعقليات، فإن الإسكندر الذي كان في زمن أرسطو هو الذي تؤرِّخ له اليهود والنصارى، ويُقال له: ابن فيلبس المَقْدوني (١) كان قبل المسيح بنحو ثلثمائة سنة وهو زمن أرسطو، وكان مُشْركًا هو وقومه أهل شركٍ وسحرٍ، ولهم كتب في الشرك والسحر قد عُرِّبت يعرفها من يعرفها، وهذا الإسكندر لم يذهب إلى بلاد الترك، وإنما انتهى إلى خراسان، فضلًا عن أن يبني السَّدّ.

وذو القرنين المذكور في القرآن كان قد بلغ مشارقَ الأرض ومغاربها، وبنى السدَّ كما أخبر الله تعالى (٢)، والسدُّ من أقصى بلاد المشرق والشمال


(١) وهو الإسكَنْدَر بن الفيلسوف ــ ويقال: فِليبس ــ المقدوني، قال المصنف «نسبةً إلى مقدونية، وهي جزيرة هؤلاء الفلاسفة اليونانيين الذين يسمون المشائين، وهي اليوم خراب أو غمرها الماء، وهو الذي يؤرخ له النصارى واليهود التاريخ الرومي، وكان قبل المسيح بنحو ثلاثمائة سنة، فيظن من يعظِّم هؤلاء الفلاسفة أنه كان وزيرًا لذي القرنين المذكور في القرآن ليعظُم بذلك قدره، وهذا جهل فإن ذا القرنين كان قبل هذا بمدة طويلة جدًّا، وذو القرنين بنى سد يأجوج ومأجوج، وهذا المقدوني ذهب إلى بلاد فارس ولم يصل إلى بلاد الصين فضلًا عن السد» اهـ. من «الفتاوى»: (١٧/ ٣٣٢). وانظر «البداية والنهاية»: (٢/ ٥٤١ - ٥٤٢)، و «لسان العرب»: (٤/ ٣٦٧)، و «قصد السبيل»: (١/ ١٨٦)، و «تاج العروس»: (٦/ ٥٦٨).
(٢) في أواخر سورة الكهف.