من اليهود، ومَن فسد من عبّادنا فيه شَبَهٌ من النصارى (١).
وقد أمرنا الله تعالى أن نقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٦ - ٧].
وهذه جملة مختصرة يدخل تحتها أمورٌ كثيرة، مَن هداه الله تعالى لتفصيلها انتفع بذلك نفعًا كثيرًا، وعرف أن كثيرًا من العلماء والمشايخ يقع في كلامهم وأفعالهم ما لا يسوغ اتّباعُهم فيه، وإن كانوا مع ذلك من أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين.
وقد عُلِم أن لجماعةٍ من الشيوخ أحزابًا، وهم في ذلك متفاوتون، فبعضهم لم يُحدِث فيها ذِكْرًا بل جمع ما ذَكَره غيره وهي من القرآن والحديث، فهذه لا تُنكر في نفسها وإنما يُنكر اتخاذ الاجتماع عليها سنة راتبة. وهذا أمر يختلف اجتهاد الناس فيه، فقد صار كثيرٌ مما لم يُشرع الاجتماع المعتاد عليه عادةً للناس، بل وُقِّف على ذلك وقوف كالقراءة والحديث وتدريس العلم وغير ذلك.
وقد كثر هذا النوع في كثير من الأمصار، والمعروف والمنكر مراتب. فمن كانوا على طريقة فيها نوعٌ من الخطأ والبدعة، وفيها خير وصواب كثير لم يُنهوا عنها إلا أن يُنقلوا إلى خير منها، وإلا فما كان فيه خير كثير مع قليل من الشرّ خير مما هو شرٌّ كلُّه، والشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها
(١) ذكر المؤلف هذا القول عن سفيان في عدد من كتبه «الاقتضاء»: (١/ ٧٩)، و «الاستقامة»: (١/ ١٠٠)، و «الفتاوى»: (١/ ١٩٧، ١٣/ ١٠٠، ١٦/ ٥٦٧ وغيرها)، وعزاها في مواضع لبعض السلف. وذكره ابن القيم في «البدائع»: (٢/ ٤٤٠) وغيره، وابن كثير في «تاريخه»: (١٤/ ٨٢١) معزوّةً له.