للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من العلم بالله أكثر وأصح مما عند هؤلاء، ومن جهة أن الأعمال عندهم لها ثواب وعقاب، ومن جهة أن لهم من المعرفة بكتاب الله وملائكته ورسوله وغير ذلك من معارف من جنسه (١) ما ليس لهؤلاء.

وإذا كان جَهْمٌ خيرًا من هؤلاء من جهات كثيرة، وقد عُرِف كلام السلف والأئمة في جهم فكيف يكون هؤلاء عند سلف الأمة وأئمتها؟! ولهذا يوافقون جهمًا على نفي الصفات، وهم وجهمٌ في ذلك أشدّ من المعتزلة، وهم يميلون إلى الجبر والإرجاء كمذهب جهم، فهم بالجهمية أشبه منهم بالمعتزلة، وإن كانت الجهمية خيرًا منهم من وجوه كثيرة.

وما يذكرونه من سعادة النفوس بعد الموت والطريق إلى ذلك= فيه من الجهل والضلال ما الله به عليم! ومن خبَرَ كلامَ أئمتهم كابن سينا عَلِم أنهم يعلمون من أنفسهم أنه ليس عندهم بذلك علم، وإنما يتكلمون فيما لا علم لهم به، كما تَمثَّل به الشهرستاني (٢) بقول القائل:

فدَعْ عنك الكتابةَ لستَ منها ... ولو سَوَّدت وجهَك بالمِداد (٣)

وأبو محمد بن حزم مع تعظيمه للفلاسفة ولعلومهم، وتصنيفه في المنطق وغيره، وتعظيمه للمنطق، وأن كلامهم (٤) وكلام المعتزلة والجهمية


(١) «من جنسه» غير واضحة وهكذا استظهرتها.
(٢) في كتابه «الملل والنحل»: (٣/ ٥٩٥). والعبارة هكذا في (م)، وكان الأنسب أن تكون: «كما تمثَّل الشهرستاني بقول القائل».
(٣) هذا البيت مع آخر نسبه ابنُ عبد ربه في «العقد»: (٤/ ١٧١) إلى بعض الشعراء في صالح بن شيرزاد. وفيه: ولو غرَّقت ثوبك ...
(٤) «وأن كلامهم» شبه مطموسة في (م)، والقراءة تقديرية. وتبقى العبارة قلِقة.