يخالف ظاهرهما، وجعلوا ذلك حجَّةً عليهم فيما نازعوهم.
فقالوا للجهمية والمعتزلة: أنتم توافقونا على نفي الصفات، وأن إثباتها يتضمَّن التشبيه والتجسيم والتركيب، وذلك باطلٌ، فيلزمكم نفي الأسماء [م ١٠٠] أيضًا، فإن الأسماء تتضمن الصفات؛ إذ الحي يتضمن الحياة، والعليم يتضمن العلم، والقادر يتضمن القدرة.
فجعلوا موافقتهم لهم على نفي الصفات حجةً لهم على نفي الأسماء، فإن ما فَرُّوا منه بزعمهم من التشبيه والتركيب ثابت في المسمَّى بالأسماء، كما هو ثابت فيما هو متَّصِف بهذه الصفات.
وأهل السُّنَّة المثبتون للأسماء والصفات يحتجون على المعتزلة بعكس هذه الطريقة، فإن المعتزلة نفاة الصفات لمَّا قالت لأهل السنة المثبتين للصفات: إن العلم والحياة والقدرة والكلام والإرادة أعراض لا تقوم إلا بجسم، فإنَّا لا نعقل موصوفًا بهذه الصفات إلا جسمًا، فإذا أثبتم الصفات لزم التجسيم.
قال لهم أهل السنة المثبتون: أنتم قد وافقتمونا على أنه حيٌّ عليم قدير، مع أنكم لا تعقلون مُسَمًّى بهذه الأسماء إلا جسمًا، فما كان جوابكم عن الأسماء فهو جوابنا عن الصفات.
وذلك أن كلَّ من نفى شيئًا من الأسماء والصفات التي نطق بها الكتاب والسنة فرارًا من محذور، فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما فرَّ منه فيما نفاهُ، فإذا نفى الغضبَ والمحبةَ وأثبت الإرادةَ والسمعَ والبصر، بناءً على أن الغضب والحبّ الذي يُعْقَل هو ما يتصف به العبد، وذلك ممتنع في حقِّ الله.