للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلهيته سبحانه وتعالى. وفي هذا الفناء تكلم طائفةٌ من أكابر المشايخ كالشيخ عبد القادر وغيره, فيأمرون الإنسان أن يفنى عن هواه وعن الالتفات إلى الخلق، بالإخلاص لله، والعمل بما أمر به، ويبينون أن أصول السلوك ثلاثة أمور: فعل المأمور، وترك المحظور، والصبر على المقدور.

والأمر الثاني: من المعاني التي يعبِّرون عنها بلفظ الفناء، هو الفناء عن شهود السِّوى، وهو أن يفنى بمعبوده عن عبادته، وبمعروفه عن معرفته، ويسمَّى الاصطلام والمَحْو، وهذا خيال يعرض لبعض السالكين، وهو حالٌ ناقِص ليس هو الغاية، ولا يعرض للكاملين كنبينا - صلى الله عليه وسلم -، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وهذا كحال (١) الغَشْي وذهاب العقل يعرض لبعض السالكين.

والثالث: هو الفناء عن وجود السِّوى، وهو أن يرى الوجود واحدًا، أو وجود الخالق وجود المخلوق، وهذا حال الفرعونية القائلين بوحدة الوجود، كابن سبعين وابن عربي وابن الفارض والقُونوي والتلمساني ونحوهم، وهؤلاء مع إلحادهم وجهلهم وتناقض أقوالهم شرعًا وعقلًا، يجعلون ما هم عليه هو غاية التحقيق والتوحيد والعرفان! !

وهم مع مَن قبلهم، ومَن هو أقرب إلى الإسلام منهم، .... (٢) مع من هو خير منهم كالشيعة والمعتزلة ونحوهم، فإنهم أخذوا ما في مذاهب هؤلاء من البدع الفاسدة كالتجَهُّم، ونفي الصفات، وادعاءِ باطنٍ للكتاب والسُّنَّة


(١) هذه الكلمة ليست واضحة، وتحتمل: «كما أن، أو كمال».
(٢) بياض بمقدار ثلاث كلمات.