للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما النار فلا يدخلها عند جمهور المسلمين إلا من اتبع الشيطان، قال تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، فأقسم أنه ليملأنها من أتباع إبليس، ومَن لم يعص الله لم يتبع إبليس، وإذا امتلأت بأتباعه لم يكن لغيرهم فيها موضع.

وقد ذهب طائفة من الناس إلى أن النار قد يدخلها مَن لا ذنب له، وهو قولُ مَن يقطع أن أطفال المشركين يدخلون النار، وقول مَن يُجَوِّز ذلك بلا تكليف، وهذا يقوله طائفة من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف، ولكنَّ جمهور الناس على نقيض ذلك (١). وقد ثبت في «الصحيحين» (٢) من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفِطرةِ، فأبواه يُهوِّدانه ويُنَصِّرانه ويُمَجِّسانِهِ، كما تُنتَجُ البهيمَةُ بهيمةً جمعاءَ هل تحسُّ فيها من جَدْعَاء»، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا هذه الآية: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠].

وفي «الصحيح» (٣) قيل: يا رسول الله، أرأيتَ مَن يموتُ من أطفال المشركين وهو صغير؟ فقال: «الله أعلمُ بما كانوا عاملين». وفي «الصحيح» (٤) عن ابن عباس أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن أطفال المشركين فقال: «الله أعلَمُ بما كانُوا عاملين».


(١) انظر «الفتاوى»: (٧/ ٤٨٤)، (١١/ ١٨٧).
(٢) البخاري (٦٥٩٩)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٥٩) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) أخرجه البخاري (١٣٨٣)، ومسلم (٢٦٦٠).