للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطائفة من الذين تصوفوا على طريقة هؤلاء الفلاسفة كابن القَسِي، صاحب «خلع النعلين» (١)، وابن سبعين، وابن عربي، وابن أحْلَى (٢)، والبوني المتأخر، وابن (٣) الطفيل صاحب «رسالة حيّ بن يقظان»، ونحو هؤلاء= خَلَطوا كلام هؤلاء بشيء من كلام الصوفية وألفاظ القرآن والحديث.

وما ذكره ابن سينا في مقامات العارفين في «إشاراته» (٤)، هي من أسباب دعاء هؤلاء إلى ما هم عليه. وهم لا يتفقون على قولٍ واحد؛ لأن الأصل الذي بنوا عليه باطل، فتجدهم مختلفين، وكلٌّ منهم يدَّعي كشفًا وذوقًا ووجدًا يخالف الآخر، أو يَدَّعي عقلًا ونظرًا واستدلالًا يخالف الآخر، فكلٌّ لكلٍّ مناقض، وكلٌّ لكلٍّ معارض، فإنهم {لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: ٨ - ٩]، وقال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢].

وهذا الرجل ذكر ظهور القلم، ثم ظهور الأمر، ثم ظهور العقل، وجمهور هؤلاء يجعلون العقل هو القلم. والكلامُ إذا لم يُبْنَ على أصلٍ


(١) تقدم التعريف به وبكتابه (ص ١٩٢).
(٢) هو: محمد بن علي بن أحلى الأنصاري، أمير أندلسي، متصوف من أهل وحدة الوجود (ت ٦٤٥)، ترجمته في «صلة الصلة»: (٤/ ٣٩١ - ٣٩٥)، و «الأعلام»: (٦/ ٢٨٢) وكان في (م) «أجلى» بالجيم تصحيف. واستفدت ترجمته من هامش «الانتصار لأهل الأثر» (ص ١١٥ - ١١٦).
(٣) (م): «أبي» والصواب ما أثبت، وقد سبق التعريف به وبرسالته (ص ١١٠)، وسبقت ترجمة البوني (ص ١٠٩).
(٤) (٤/ ٨١٨ - ٨٢٧).