للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في «شرح قصيدة ابن الفارض» هو وأمثاله، والكلامُ على هؤلاء واسع، وإنما الغرض التنبيه على النُكَت.

قوله: «ثم أمدَّه الله بنور ذاته، فأحياه حياةً باقية لا غاية لها، فنظر جميع المعلومات بنور هذه (١) الحياة، فصار أصل الموجودات نور شائع في كل شيء، لا يُشهد غيره، فنودي من قُربٍ: لا تغتر بالله، فإنَّ المحجوب من حُجِبَ عن الله بالله، إذ محال أن يحجبه غيره، فجيء بحياة استودع الله فيه، فقال: أي ربي بك منك إليك أقِلْ عثرتي فإني أعوذ بك منك حتى لا أرى غيرك. فهذه سبيل الترقِّي إلى حضرة العَليِّ الأعلى، وهو طريق المحبين أبدال الأنبياء، والذي يُعْطى أحدُهم من بعد هذا لا يقدر أحدٌ أن يصف منه ذرّة» (٢).

فيقال: بل هذه سبيل هؤلاء أبدال الفراعنة والملاحدة، والعليُّ الأعلى هو عندهم الوجود مصنوع العلم الأعلى والفلسفة الأولى. والعلمُ الأعلى عندهم هو النظر في الوجود ولواحقه، فإن سيرهم ينتهي إلى وجودٍ مطلقٍ سارٍ في الجميع، والأنبياءُ وأتباعُهم من أعظم الناس مُبَاينةً لهؤلاء، كمباينة موسى لفرعون، وإبراهيم للنمروذ، ومسيح الهدى لمسيح الضلالة.

أما قوله: «فنظر جميع المعلومات» (٣) فهذا مطابق لما يقوله بعض


(١) (م): «هو» وقد تقدمت على الصواب فيما مضى.
(٢) سبق النص (ص ١٦١ - ١٦٢).
(٣) سبق النص (ص ١٦١).