للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن يقال: كثير مِن [م ٥٣] المصنفين والمتكلمين في منازل السائرين إلى الله، ومنهاج القاصدين إليه، وطريق السالكين إليه، يذكر كلٌّ منهم عددَ المنازل وترتيبَها بحسب سَيْرِه هو، أو ما عَلِمَه هو مِن أحوال السالكين، ولا يكون ذلك صفةَ كلِّ سالك، بل كثير من السالكين لهم طرق أخرى وترتيب آخر وعدد آخر. وكثير منهم لا يكون سلوكهم بترتيب معين وعدد معين، ولهذا تجد شيخَ الإسلام الأنصاري في «منازل السائرين» يصفُ ترتيبًا وعددًا، وتجد أبا بكر الطُّرْطُوشي (١) يصف في كتابه ترتيبًا آخر، وتجد أبا طالب المكي (٢) يذكر نوعًا ثالثًا، وتجد غيرهم يذكر أمرًا آخر.

وهذا كما أن أهل النظر والاستدلال من السالكين طريقَ العلم تجد لكلٍّ منهم من ترتيب المقدِّمات العلمية التي يستدل بها طريقًا غير طريق الآخر. ثم كلُّ مِن هؤلاء وهؤلاء أصحاب المقدِّمات المرتَّبة علمًا وعملًا في كلامهم


(١) (م): «الطرشوشي»! أما الكتاب الذي ذكره المصنف فلعله ما ذكره الضبي في «بغية الملتمس» (ص ١٣٨) قال: «وله كتاب كبير يعارض به كتاب الإحياء ــ للغزالي ــ رأيت منه قطعة يسيرة» اهـ. وقد كتب الطُّرطوشي جانبًا من نقده للإحياء وصاحبه في رسالة له إلى ابن مظفَّر ذكرها السبكي في «طبقات الشافعية»: (٦/ ٢٤٢ - ٢٤٣).
(٢) هو: محمد بن علي بن عطية الحارثي أبو طالب المكي الزاهد الواعظ (ت ٣٨٦) صاحب «قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى طريق التوحيد» في التصوف، وهو مطبوع، ولعله ما أشار إليه المصنف. ترجمته في «تاريخ بغداد»: (٣/ ٨٩)، و «وفيات الأعيان»: (٤/ ٣٠٣)، و «السير»: (١٦/ ٥٣٦ - ٥٣٧). وقد أشار المصنف في «الفتاوى»: (١٠/ ٥٥١) إلى أن في «قوت القلوب» أحاديث ضعيفة وموضوعة وأشياء كثيرة مردودة. وانظر ما تقدم (ص ٨٤ هامش ٢) عن علاقة الإحياء بكتاب القوت.