للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وموسى، كفرعون ونمروذ، الذين لم يتبعوا الرسل فيما أمروهم به من عبادة الله وحده لا شريك له.

وهذا هو دين الإسلام الذي لم يبعث الله نبيًّا إلا به، فهو الدين الذي لا يقبل الله ممن ابتغى دينًا غيره، ولا أن يُعبد الله ويُعبد (١) غيره، فمن عبد الله وغيرَه فهو مشرك، والله لا يغفرُ أن يُشْرَك به، ومن استكبر عن عبادته فقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: ٦٠]، ولهذا نجد هؤلاء الذين يستكبرون عن عبادة الله يُبتلون بمن يُذِلُّهم حتى يستعبدهم من الملوك ونحوهم، فهم يستكبرون عن عبادة الله ويعبدون ما سواه!!

وكثير من المنتسبين إلى العلم يُبتلى بالكِبْر كما يُبتلى كثيرٌ من أهل العبادة بالشرك، ولهذا فإن آفة العلم الكِبْر، وآفة العبادة الرياء، وهؤلاء يُحْرَمون حقيقة العلم، كما قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: ١٤٦].

قال أبو قِلابة: منع قلوبَهم فهمَ القرآن (٢). ولهذا كان الكِبْر كثيرًا في اليهود وأشباه اليهود، الذين يعلمون الحقَّ ولا يتبعونه، والشرك كثير في النصارى [م ٩٧] وأشباه النصارى، الذين يعملون ويعبدون بغير علم.


(١) (م): «ولا يعبد» والصواب ما أثبت بدليل ما بعده، والمعنى: ولا يقبل من العبد أن يعبد الله ويعبد غيره في الوقت نفسه؛ لأن هذا شرك لا يُقبل.
(٢) لم أجده عن أبي قلابة، وأخرجه ابن جرير: (١٠/ ٤٤٣)، وابن المنذر وأبو الشيخ ــ كما في «الدر المنثور»: (٣/ ٢٣٤) ــ عن سفيان بن عيينة قال: أنزعُ عنهم فهمَ القرآن.