للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكلُّفًا» (١).

وكذلك مَن بعدهم مِن المشهورين مثل: سعيد بن المسيّب، والحسن البصري، وعامر بن عبد القيس، وأُوَيس القَرَني، وأبو مسلم الخولاني، ومُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، ومن بعد هؤلاء ممن جمع الناسُ أخبارَهم في كتب الزهد؛ مثل كتاب «الزهد» للإمام أحمد وغيره ممن صنف أخبار الزُّهَّاد على الأسماء، مثل «حِلْية الأولياء» لأبي نعيم، و «صفوة الصفوة» لابن الجوزي. وكتاب «الزهد» لعبد الله بن المبارك ممن صنف أخبار الزهد على الأبواب، كهنَّاد بن السَّرِي، وأَسَد بن موسى وغيرهما.

قوله: «ثم يمدُّه الله بنور العقل الأصلي في أنوار اليقين، فيشهد موجودًا لا حدَّ له ولا غاية، بالإضافة إلى هذا العبد، وتضمَحِلّ جميعُ الكائنات فيه، فتارةً يشهدها فيه كما يشهد الينابيب (٢) في الهواء بواسطة الشمس، فإذا انحرف نور الشمس عن الكُوَّة لا يشهد للينابيب أثرًا. فالشمس التي يُبْصِر بها هو «العقل الضروري» بعد المادة بنور اليقين.

فإذا اضمحلَّ هذا النور ذهبت الكائنات كلها وبقي هذا الموجود، فتارةً يفنى وتارة يبقى، حتى إذا أُرِيد به الكمال نُودي منه نداءً خفيًّا لا صوتَ له، فيُمَد بالفهم عنهم، إلا أن الذي يشهده غير الله، ليس من الله في شيء، فهناك ينتبه من سكرته، فيقول: أي ربِّ أغثني فإني هالك، فيعلم يقينًا أنَّ هذا البحر لا ينجيه منه إلا الله، فحينئذٍ يقال له: إن هذا الموجود هو العقل الذي قال فيه


(١) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١٨١٠)، وعزاه ابن القيم في «الأعلام»: (٤/ ٦٠٧) للإمام أحمد. وأخرجه ابن عبد البر (١٨٠٧) من قول الحسن البصري.
(٢) كذا، وانظر ما سبق (ص ١٥٩).