للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موت العبد على العصيان والإعراض عن الله لا يجعله كالمطيعين المقبلين عليه، كما قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ (١) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: ٢٨].

والله تعالى يعلمُ الأشياءَ على ما هي عليه، ويُخبر بها كذلك، ويكتبها كذلك، كما ثبت في «الصحيح» (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما مِنكُم من أحدٍ إلَّا وقد عُلِم مقعدُهُ من الجنة والنَّار». قالوا: أفلا ندَعُ العملَ ونتَّكِلُ على الكتاب؟ فقال: «لا، اعمَلُوا فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق لهُ، أمَّا مَن كان مِن أهل السعادة فسَيُيَسَّرُ لعمل أهل السَّعادة، وأمَّا مَن كان مِن أهلِ الشَّقاء فسَيُيَسَّرُ لعمل أهل الشَّقاء».

فلمَّا استأذنوه أن يتَّكِلوا على السابقة نهاهم وأخبرهم أن السابقة سبقت بالسعادة بعملها، والشقاوة بعملها، لم يَسْبِق بسعادةٍ مجرَّدَةٍ وشقاوةٍ مجرَّدَةٍ، فمن ييسره الله لعمل أهل السعادة حتى يموت على ذلك كان هو الذي سبقت له السعادة، وبالعكس.

وأما قول (٣) القائل: «كرمك مبذولٌ بالسبق لمن شئت من خلقك وإن عصاك وأعرض عنك».

إن أراد به ما يبذله للكفار والفجار من نعيم [م ٣٢] الدنيا فهذا صحيح،


(١) (م): «أفنجعل».
(٢) أخرجه البخاري (١٣٦٢)، ومسلم (٢٦٤٧) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٣) مطموسة في (م) ولعلها ما أثبت.