للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«رسالته» (١) وغيرها، وحذَّروا منه ومِن أهله، وذموا هؤلاء، كما كان المشايخ العارفون الذين يُقتدى بهم يذمون هذا.

وأما قوله: «إذا ألبسهم ثوب العَدَم فنظروا فإذا هم بِلا هَمّ (٢) [م ٧٢] ثم أردف عليهم ظُلمةً غَيَّبتهم عن نظرهم، بل صار عدمًا لا علة له» (٣).

فيقال: هذا الكلام مجمل يحتمل شيئين (٤):

أحدهما: أن يغيب الإنسان عن ملاحظة نفسه وشهودِها وذِكْرها، وهذا هو الفناء عن رؤية السّوي، وهو الفناء الناقص الذي يغيب فيه بموجوده عن وجوده، وبمعروفه عن معرفته، وبمذكوره عن ذكره. فهذا أمر يعرض لبعض السالكين، فإن كان صاحبه مغلوبًا عليه، لا يمكنه دفع ذلك عن نفسه، فحَسْبه أن يكون معذورًا. وأمَّا مَن كان يُمكنه الفرق بين الربِّ والعبد ولم يُفرِّق بينهما فهو من الملحدين.

والاحتمال الثاني: الفناء عن وجود السّوي، وهو أن يشهد عين وجوده عين وجود الحق، فيرى ما سوى عين وجود الحق عدمًا، لا يرى موجودَين أحدهما خالق والآخر مخلوق. فهذا مشهد أهل الإلحاد مِن أهل الوحدة والاتحاد.


(١) تكلم القشيري عن بعض شطحاتهم وضلالاتهم في أولها (١/ ١٦ - ١٧)، ولم أر كلامه على الحلول.
(٢) (م): «بَلاهُم».
(٣) تقدم النص (ص ١٦٢).
(٤) تقدم للمصنف ذكر هذين الاحتمالين (ص ١٥١).