للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقولون: المسيح إله يخلق ويرزق.

فإنَّ هذا من أعظم التناقض، فإن الأقانيم إن فسَّروها بالصفات، فالصفة لا تخلق ولا ترزق، ولا يمكن اتحادها بشيء دون (١) الموصوف، وإن فسروها بذوات تقوم بأنفسها لزم إثبات ثلاثة آلهة.

ويقولون: باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد، وقد يمثلون (٢) هذا بقول القائل: فلان طبيب حاسب كاتب، فهو مع الطب له حكم، ومع الحساب له حكم، ومع الكتابة له حكم، لكن هذا التمثيل غير مطابق لمذهبهم؛ لأن هذا ذات واحدة لها ثلاث (٣) صفات، ويستحيل أنَّ صفةً من الصفات تتحد أو تحل في شيء آخر دون الذات، ودون غيرها من الصفات، فيلزمهم إما بطلان التثليث، وإما بطلان الحلول. وهم مُلحدون في أصلي الدين: الشهادة بالوحدانية وبالرسالة، أبطلوا التوحيد بالتثليث، والثاني بالحلول ودعوى إلهية المسيح.

وقد ذمهم يحيى بن عدي (٤) ونحوه، أنْ شَبَّهوا قولَهم هذا بقول الفلاسفة في العقل والعاقل والمعقول، وجعل مذهب الفلاسفة حُجَّةً له، وهذا من ضلالهم، فإن الفلاسفة أضل منهم، ومذهبهم أشد فسادًا في


(١) بعده في (م) كلمة لم تببين وكأنها مضروب عليها.
(٢) غير واضحة في (م)، ولعلها ما أثبت.
(٣) (م): «ثلاثة».
(٤) هو: يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا المنطقي أبو زكريا البغدادي، الفيلسوف، صاحب التصانيف، وكان نصرانيًّا (ت ٣٦٤) «إخبار العلماء بأخبار الحكماء»: (٢/ ٤٨٨ - ٤٩٠)، و «عيون الأنباء في طبقات الأطباء»: (٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨).