للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن شاء الله ولم يصلِّ حَنَث؛ لأن الله شاء ذلك بزعمهم.

والمقابلون لهم من المُثْبِتة يقولون: هو أراد ما العباد فاعلوه، فإنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فما وُجِدَ من الكفر والفسوق والعصيان فهو بإرادته، فيكون بمحبته ورضاه، وما علم كونه عندهم فقد أراد كونَه، وأحبَّ كونَه، ورضي كونَه.

فإذا قيل لهم: فقد قال: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: ٧]، و {لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٢٠٥].

قالوا: لا يرضاه دينًا كما أنه لا يريده دينًا. ولا يرضاه ممن لم يفعله [م ٣٧] كما أنه لم يُرِدْه منه.

فقيل لهم: فقولوا: إنه لا يحب فعل المأمور ولا ترك المحظور، وقولوا: إن ما أمر الله به ورسوله، فإنه لا يحبه ولا يرضاه، ولكن يحب ويرضى ما يكون، سواء كان كفرًا أو إيمانًا.

وقولوا (١): إنه لا يريد ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان، فإنه لم يرده دينًا كما تأولتم قوله: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}، وأنتم تطلقون ما أطلقه المسلمون مِن أنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وقد قال تعالى: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: ١٠٨]، فهذا قول قد وقع بمشيئته وقد أخبر أنه لا يرضاه. وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ} [محمد: ٢٨] وما أسخطه لم يرضه، مع أنه قد أراده.


(١) (م): «وقوله» ولعلها ما أثبت.