للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«كتاب الروح والنفس» (١)

قال: «لا تزال الخصومةُ بين الناسِ حتى يختصمَ الروحُ والبدنُ، فيقول الروح للبدن: أنت أكلتَ وشربتَ ونكحتَ. فيقول البدن: أنتَ أمرتَ. فيُبعث مَلَك يحكم بينهما، فيقول: مثلكما مثل أعمى ومُقعد دخلا بستانًا، فقال المقعد للأعمى: إني أرى ثمرًا لكن لا أطيقُ قطافه، فقال الأعمى: لكني أقدر أن أقطفه إلا أني لا أراه، فقال له المقعد: تعال فاحملني حتى أعلمك به، فحمله فجعل المقعد يقول للأعمى: خذ هذا، اقطف هذا [م ٥٦] فقطفه. فعلى مَن العقوبة؟ فقال: عليهما جميعًا، فقال: كذلك الروح والبدن» (٢).

إذا تبين ما أشرنا إليه مِن ترتيب السلوك ومِن معنى النفس والروح فقول


(١) وعزاه لابن منده السيوطي في «الدر المنثور»: (٥/ ٦١٤) ولم يسم كتابه.

وكتاب ابن منده نقل منه المصنف في مواضع، ووصفه فقال: «وصنف الحافظ أبو عبد الله بن منده في ذلك كتابًا كبيرًا في الروح والنفس وذكر فيه من الأحاديث والآثار شيئًا كثيرًا» اهـ. «مجموع الفتاوى»: (٤/ ٢١٧). ونقل منه ابن القيم في كتاب «الروح»، وانظر «موارد ابن تيمية العقدية» (ص ٨٩) للبراك.
(٢) اخرج ابن الجوزي نحوه في «الموضوعات» (١٧٩٩) قال ــ بعدما ساق سنده ــ: « ... عن المسيب بن شريك عن سعيد بن المرزبان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يختصم الروح والجسد يوم القيامة، فيقول الجسد: أنا كنت بمنزلة الجذع ملقى لا أحرك يدًا ولا رجلًا لولا الروح، وتقول الروح: أنا كنت ريحًا لولا الجسد لم أستطع أن أعمل شيئًا، فضرب لهما مثل أعمى ومُقْعد، وحمل الأعمى المقعد، فدله ببصره المقعد، وحمله الأعمى برجله».
قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال يحيى: سعيد بن المرزبان والمسيب ليسا بشيء. وقال الفلاس: حديثهما متروك. اهـ. وخالفه السيوطي في «التعقبات» (ص ٥١) في الحكم بوضعه.