للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدم (١).

وقد رُوِي في حديثٍ آخر: أن خديجة سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن أطفال المشركين؟ فقال: «هم في النار»، فقالت: بلا عمل؟ فقال: «الله أعلَمُ بما كانوا عاملين» (٢)، فظنَّ القاضي أبو يعلى ومَن وافقه أنَّ أحمدَ أخذ بحديث خديجةَ هذا، وفيه: أنهم من أهل النار. وهذا غلَطٌ على أحمد، فإنَّ حديث خديجة موضوعٌ لا أصل له، وأحمد أجلُّ من أن يعتَمِد عليه، وإنما اعتمد على الحديث الصحيح المتقدم، ثم إنه حديثٌ متناقض؛ لأن فيه الجَزْم بكونهم من أهل النار، وفيه قوله: «الله أعلَمُ بما كانوا عاملين»، وهذا قول متناقض.

وقالت طائفة: إنهم كلهم في الجنة، كابن حزم وأبي الفرج ابن الجوزي وغيرهما (٣).


(١) قريبًا (ص ١٢٨).
(٢) أخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (١١٣١)، وابن أبي عاصم في «السنة» (٢٢٠)، وفي سنده محمد بن عثمان، قال عنه الذهبي في «ميزان الاعتدال»: (٥/ ٧٧): لا يُدرى مَن هو، فتَّشتُ عنه في أماكن، وله خبر منكر. ثم ساق هذا الحديث مِن زوائد عبد الله، وقال الهيثمي في «المجمع»: (٧/ ٢١٧): لم أعرفه.
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٢٣/ رقم ٢٧)، وأبو يعلى في «مسنده» (٧٠٤١) من طريق الأزرق بن قيس عن عبد الله بن الحارث ــ أو ابن بريدة ــ عن خديجة - رضي الله عنها -. قال الذهبي في «السير»: (٢/ ١١٣): «فيه انقطاع». فإن عبد الله بن الحارث وابن بريدة لم يدركا خديجة. وقد حكم عليه المصنف بالوضع أيضًا في «درء التعارض»: (٨/ ٣٩٨ - ٣٩٩)، (٩/ ٦٤) و «المنهاج»: (٢/ ٣٠٦).
(٣) ذكر المصنف الأقوالَ في المسألة والأدلة، والغلط على أحمد فيها في عدد من كتبه، كما في «درء التعارض»: (٨/ ٣٩٨ - فما بعدها)، (٩/ ٦٤)، و «المنهاج»: (٢/ ٣٠٦)، و «الفتاوى»: (٤/ ٣٠٣)، (٢٤/ ٣٧٢). وانظر «طريق الهجرتين»: (٢/ ٨٤٢ - ٨٧٧).