للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث من كتب «رسائل إخوان الصفا» (١) ونحوهم ممن يريد أن يحتجّ على قول هؤلاء المتفلسفة الملاحدة بالنصوص النبوية، ويقول: إنه يجمع بين [م ٦٥] أقوال الأنبياء وبين أقوال هؤلاء المتفلسفة الملاحدة وهيهات، فإن دين اليهود والنصارى أقرب إلى دين الإسلام من دين هؤلاء المشركين الصابئين الذين يعبدون الكواكب والأصنام، وهم مِن أشد الناس كفرًا برب الأنام.

وإن كان لهم معرفة بأمور دنيوية كالحساب والطب، فهذا نوع آخر غير معرفة الله ومعرفة كتبه وملائكته ورسله واليوم الآخر. ومن المعلوم أن كون اليهودي والنصراني حاذقًا في طبٍّ أو حسابٍ أو كتابة أو فلاحة أو حياكة أو بناء أو غير ذلك= لا يوجب أن يكون حاذقًا في معرفة الله ودينه، فكيف بهؤلاء الذين هم أجهل بالله وبدينه من اليهود والنصارى؟ ! إلا مَن كان منهم مع إظهاره لليهودية والنصرانية فإنه قد جمع نوعَي الكفر.

وهذا الحديث الموضوع لفظه: «أول ما خلقَ الله العقلَ قال له: أقْبِل فأَقْبَل». فهو لو كان حقًّا إنما فيه أن الله خاطب العقل في أول أوقات خلقه بهذا الخطاب، وهذا يدل على أنه خَلَق قبلَه غيرَه، وهذا يناقض قولهم. وفيه أنه وصفه بالإقبال والإدبار، وذلك ممتنع عندهم. وفيه أنه قال له: «فبِكَ آخذ


= ... حنبل: هذا الحديث موضوع ليس له أصل. قال العقيلي: لا يثبت في هذا الباب شيء.
فهذا اتفاق أهل المعرفة على بطلان هذا الحديث، مع أن أكثر ألفاظه: «لما خلق العقل قال له ... » اهـ. مع تصرف يسير.
قلت: وأخرج حديث أبي أمامة الطبراني في «الكبير (٨٠٨٦)، و «الأوسط» (٧٢٣٧).
(١) تقدم التعريف بها (ص ٨٤).