للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله به الرسل.

والمقصود هنا أن هؤلاء كصاحب «الإشارات» ابن سينا وأتباعه، مثل صاحب «رسالة حي بن يقظان» وغيره، لمَّا اعتقدوا أن غاية الإنسان هو العلم، وهؤلاء علموا من العلم الإلهي الذي جاء به الرسول ما تميزوا به على سلفهم اليونان، فإن الذي عند أولئك من العلم الإلهي نَزْرٌ قليل مُخبط، فهو لحم جَملٍ غَثٍّ على رأس جَبَلٍ وَعْر، لا سَهلٌ فيُرتقى ولا سمين فيُنتقى.

وكلام أرسطوا صاحب التعاليم في «علم ما بعد الطبيعة» كلام قليل ذكره في كتاب «أثولوجيا» (١) ونحوه، وأما كلامهم الكثير في العلم الطبيعي، وهو الكلام في أحوال الأجسام الفلكية والعنصرية والمولدات من النبات والمعادن والحيوان، فلهم في ذلك كلام كثير.

وأما العلم الإلهي؛ فكلامهم فيه مع أنه قليل، ففيه خطأ كثير، وفيه من الجهل البسيط والمركَّب أعظم مما في كلام المبتدعة المنتسبة إلى الملة كالجهمية ونحوهم.

وقد تكلم ابن سينا وأتباعه على مقامات العارفين (٢)، وأرادوا أن يجمعوا بين طريقة أهل البحث والنظر وأهل العبادة والتألُّه على أصولهم. تكلم ابن سينا في مقامات العارفين، وكذلك ابن (٣) الطفيل صاحب «رسالة حي بن يقظان»، وأبو عبد الله الرازي يقول: ليس في كتابه أفضل من كلامه في


(١) تقدم التعريف به (ص ١٨٦) وبمؤلفه.
(٢) في كتابه «الإشارات»: (٤/ ٨١٨ - ٨٢٧).
(٣) (م): «أبي»! والصواب ما أثبت، وقد مضت ترجمته والتعريف بكتابه.