أهل الكلام وبعضُ أهل الفقه إلى أنه ليس ممكنًا (١) عقلًا، وهو اختيار القاضي أبي بكر والرازي. ثم ادّعى بعضُ هؤلاء أنما صحَّحَتْه الشريعة من ذلك فإنما سقط الفرض عنده لا به.
وأما غير هؤلاء من المعتزلة والمرجئة وغيرهم فأبطل ذلك شرعًا، ووافقهم بعضُ الفقهاء من أهل الظاهر وبعضُ أصحاب أحمد، وأما أحمد نفسُه وأئمة أصحابِه وسائر العلماء فقالوا: إن ذلك ممتنع عقلًا، بل الصلاة في الدار المغصوبة والثوب المغصوب والثوب الحرير وغير ذلك مما نهى الشارعُ عنه نهيًا عامًّا ولم يرد نهيٌ خاصّ عن فعل العبادة معه هل تبطل معه العبادة كما ورد فيه نهيٌ خاص كالصلاة عُريانًا، والصلاة في المكان النجس؟ هذا مما فيه نزاع معروف بين الفقهاء، وفيه قولان في مذهب أحمد وغيره.
فالناسُ في هذا الأصل على أربعة أقوال:
منهم مَن يقول: هذا النوع ممتنع عقلًا وشرعًا، ومنهم مَن يقول: هو جائز عقلًا وشرعًا، ومنهم مَن يقول: هو جائز عقلًا لكن الشارع منع منه، ومنهم مَن يقول: هو ممتنع عقلًا ولكن ما ورد به الشرع منه قلنا: سقط الفرض عنده لا به. وهذا أضعف الأقوال.
والصحيح ما عليه الجمهور، وهو أنه يمكن في الجملة أن يُثاب الرجل على عملٍ من وجه ويُعاقب عليه من وجه، لكن هل يسقط الفرض بذلك فلا تجب الإعادة؟ هذه مسألة فقهية يُبْحَث فيها بالأدلة الفقهية، فإن الفقهاء الأربعة وغيرهم متفقون على أن من واجبات الحج ما إذا تركه لم يسقط الفرض بل عليه الحج، ومنها ما إذا تركه سقط فرض الحج وجبر ذلك بدم،