للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو هنا قد أورد ثلاثة شواهد شعرية لتوضيح معنى الحنان في اللغة، بعد أن بَيَّنَ دلالته اللغوية، وهذا الغالب في إيراد الشواهد الشعرية عند المفسرين، حيث يورده المفسرون بعد إيضاح الدلالة اللغوية للفظة، فيكون شاهدًا للمعنى يُفَسِّرُه.

* أن تتعدد الدلالة اللغوية، ولبعضها شواهد دون بعض. وذلك مثل تفسير «السَّكَرِ» في قوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧] (١)، حيث قال أبو عبيدة في تفسيرها: «أي: طُعْمًا، ويقال: جعلوا لك هذا سَكَرًا، أي: طعمًا، وهذا سَكَرٌ، أي: طُعْمٌ، وقال جَنْدَلُ (٢):

جَعَلْتَ عَيْبَ الأَكْرَمينَ سَكَرا (٣)» (٤).

وقد اعترضه الزجاج في دلالة اللفظ، فقال: «وقالوا في تفسير قوله: {سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}: إنه الخمرُ قبل أن تُحَرَّم، والرزق الحسن يؤكل من الأعناب والتمور. وقيل: إن معنى السَّكَرِ: الطُّعمُ، وأنشدوا:

جَعَلْتَ عَيْبَ الأَكْرَمينَ سَكَرا (٦)

أي: جعلت دمهم (٥) طُعْمًا لك، وهذا بالتفسير الأول أشبه، والمعنى: جعلت تَتَخَمَّرُ بأَعراض الكرام، وهو أَبْيَنُ فيما يقالُ: الذي يَتَبَرك (٦) في أعراض ... الناس». (٧) وفي لغة العرب: «وقيل: السَّكَرُ -


(١) النحل ٦٧.
(٢) هو جندل بن المثنى الطهوي، شاعر إسلامي راجز. انظر: سمط اللآلي للبكري ٢/ ٦٤٤.
(٣) لم أجده عند أحد قبل أبي عبيدة، وهو في تفسير الطبري ٤/ ٨٤، والزجاج في معانيه ٣/ ٢٠٩.
(٤) مجاز القرآن ١/ ٣٦٣.
(٥) هكذا، ورُبَّمَا تَكونُ: ذَمَّهم؛ لمناسبتها للسياق.
(٦) هكذا في المعاني، ولعل صوابها: يَبْتَرِكُ كما نقلها الأزهري عن الزجاج في تهذيب اللغة ١٠/ ٥٨.
(٧) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٢٠٩.

<<  <   >  >>