للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتحريك - الطعامُ، وأنكر أهلُ اللغة هذا، والعرب لا تعرفه». (١) في حين عدَّ الطبريُّ هذا المعنى أحد معاني السَّكَرِ عند العرب (٢).

ومن الأمثلة كذلك تفسير الطبري للتلاوة في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: ١٠٢] (٣)، حيث قال: «ولقول القائل: هو يتلو كذا، في كلام العرب معنيان:

أحدهما الاتباع، كما يقال: تلوت فلانًا، إذا مشيت خلفه، وتبعت أثره. كما قال جل ثناؤه: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: ٣٠] (٤) يعني بذلك: تتبع.

والآخر: القراءة والدراسة، كما تقول: فلانٌ يتلو القرآنَ، بمعنى: أنه يقرأه ويدرسه، كما قال حسان بن ثابت:

نَبِيٌّ يَرَى مَا لايَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ ... ويَتْلُو كِتَابَ اللهِ في كُلِّ مَشْهَدِ (٥)» (٦).

فالطبري أورد دلالتين لغويتين للتلاوة، فاستشهد على الأولى بقراءة من القراءات المتواترة، واستشهد على الدلالة الثانية بشاهد شعري.

* أن تتعدد الدلالة اللغوية، ولجميعها شواهد. ومن ذلك تفسير المَخْمَصَةِ في قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣] (٧) حيث يقول الطبري: «في مخمصة، يعني: في مجاعةٍ، وهي مفعلةٌ ... مِنْ خَمَصِ البَطْنِ، وهو اضطماره، وأظنه هو في هذا الموضع، معنيٌّ به اضطماره من الجوع وشدة السَّغَبِ، ولكنْ مِنْ خِلْقَةٍ، كما قال نابغة بني ذبيان في صفة امرأة بِخَمَصِ البطن:


(١) لسان العرب ٦/ ١٤٥ (سكر).
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٤/ ٢٨٤.
(٣) البقرة ١٠٢.
(٤) يونس ٣٠، وهذه قراءة حمزة والكسائي وخلف ويعقوب. تتلو بتاءين. انظر: السبعة ٣٢٥، التيسير ١٢١.
(٥) انظر: ديوانه ٨٨.
(٦) تفسير الطبري (شاكر) ٢/ ٤١١.
(٧) المائدة ٣.

<<  <   >  >>