للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَمسينَ ألف بيتٍ من الشِّعرِ شواهد للقرآن (١)، وذكر الذهبيُّ أنَّ عبد الوهاب بنَ مُحمدٍ الشيرازيَّ (ت ٥٠٠ هـ) صنَّفَ تفسيرًا للقرآن، ضَمَّنَهُ مائةَ ألف بيتٍ من الشواهد الشعرية (٢)، وذكر السهيلي أنه رآه، وسمع ما فيه من الشواهد الشعرية المؤكدة لفصاحته (٣).

ومع ما قد يكون في هذه الأخبار من المبالغة، إلا أنها تدل على عناية المفسرين، واحتفالهم بشواهد الشعر، لتكون عونًا لهم في تفسير القرآن، وشرح غريبه، والاحتجاج لقواعد اللغة ونحوها وصرفها. وقد أَكَّدَ المفسرون في كتبهم - ولا سيما في مقدمات التفاسير - على أهمية العناية بشعر العرب المُحتج به، في فهم القرآن الكريم، ومعرفة معاني ألفاظه من حيث العربية، ووجوب العناية به وفهمه للتمكن من فهم القرآن الكريم فهمًا صحيحًا، ومن ذلك قول الطبري في معرض حديثه عن أولى المفسرين بإصابة الحق في تفسيره: «فأحق المفسرين بإصابة الحق .... أوضحهم حجة فيما تأول وفسر .... وأصحُّهم برهانًا - فيما ترجم وبَيَّنَ مِن ذلك - مِمَّا كان مُدركًا علمهُ مِنْ جِهَةِ اللسانِ إِمَّا بالشواهدِ مِن أَشعارِهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة» (٤). فبَيَّنَ الطبريُّ أهمية اعتضاد المفسر بالشواهد التي تصحح تفسيره، وتُبَرْهِنُ على صحة قوله، وقد سار الطبري على هذا النهج وسيأتي لذلك مزيد بيان.

وقد ذكر الإمام الواحدي (ت ٤٦٨ هـ) المُفَسِّرُ أنه درس اللغة ودواوين الشعراء على شيخه العروضي ثم قال: «وقرأت عليه الكثير من


(١) انظر: معرفة القراء الكبار ١/ ٣٣٣، طبقات المفسرين للسيوطي ٩٧، طبقات المفسرين للداودي ٢/ ٦٠.
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء ١٩/ ٢٤٩، طبقات المفسرين للداوودي ٢/ ٣٧٠.
(٣) انظر: طبقات المفسرين للأدنه وي ١٥١.
(٤) تفسير الطبري (شاكر) ١/ ٩٣.

<<  <   >  >>