للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولى به أن يقول: «إن الملأ يتآمرون فيك». أي: يستأمرُ بعضهم بعضًا». (١)

وهذا الذي ذهب إليه ابن قتيبة هو ما قاله أبو عبيدة أيضًا، وقد وافقه عليه غيره كالطبري مع كثرة تعقبه لأبي عبيدة (٢)، وقد اختصرَ ابنُ قتيبة كلامَ أبي عبيدة فلم يُفْهَم على وجههِ، وتَمامُ كلام أبي عبيدة: «{إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ} [القصص: ٢٠] مَجازهُ: يَهُمُّون بكَ، ويوامرون فيك، ويتشاورون فيك ويرتئون، قال النَّمِرُ بن تَوْلَب:

أَرى الناسَ قَدْ أَحْدثُوا شِيمةً ... وفي كُلِّ حادثةٍ يُؤْتَمَرْ (٣)

وقال ربيعةُ بنُ جُشمَ النَّمَريُّ:

أَحارِ بنِ عَمروٍ كأَنِّي خَمِرْ ... ويَعْدُو على المَرْءِ ما يَأْتِمِرْ (٤)

ما يأتِمر: ما يرى لنفسهِ، فَيَرى أَنَّه رُشْدٌ، فربَّما كان هلاكه من ذلك». (٥)

فأبو عبيدة لم يقتصر على تفسير الموامرة بالمشاورة فحسب، ولكنه فسرها بالهَمِّ والمشاورة، واستشهد عليها ببيت للنمر بن تولب أيضًا. وشرح ابن قتيبة لمعنى بيت ربيعة بن جشم بقوله: «وكيف يعدو على المرء ما شاور فيه ... الخ فهم غير سديد للبيت، وفهم أبي عبيدة أجود وهو قوله: «ما يأتِمر: ما يرى لنفسهِ، فَيَرى أَنَّه رُشْدٌ، فربَّما كان هلاكه من ذلك».


(١) غريب القرآن ٣٣٠ - ٣٣١.
(٢) انظر: تفسير الطبري (هجر) ١٨/ ٢٠١.
(٣) انظر: ديوانه ٦٤.
(٤) هذا الشاهد مما اختلف في نسبته، فنُسِبَ لامرئ القيس كما في ديوانه ١٥٤، وخزانة الأدب ١/ ٣٧٤، المقاصد النحوية للمرادي ١/ ٩٥، ونُسبَ للنمر بن تَولَب كما في ملحق ديوانه ٤٠٤، ونسبه ابن قتيبة في «المعاني الكبير» ٣/ ١٢٥٩ لربيعة بن جشم كما ذكر أبو عبيدة.
(٥) مجاز القرآن ٢/ ١٠٠.

<<  <   >  >>