للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معرفته على معرفة سبب النُّزُول، أو معرفة التفسير. وقد مَرَّ توجيهُ القراءاتِ واحتجاجُ العلماءِ لها بمرحلتين أساسيتين:

الأولى: مرحلة الاحتجاج الفردية لبعض القراءات دون تدوين. وقد بدأت هذه المرحلة مبكرًا في عهد الصحابة رضي الله عنهم (١) ويدخلُ في هذه المرحلة احتجاج القراء أنفسهم لقراءاتهم كما كان يصنع أبو عمرو العلاء (ت ١٥٤ هـ) والكسائي (ت ١٨٩ هـ)، وتلاميذهما من بَعْدُ. (٢) واحتجاج النحويين الأوائل الذين حفظت أقوالهم دون مؤلفاتهم كالخليل بن أحمد (ت ١٧٠ هـ).

الثانية: مرحلة التدوين والبَدءُ في جَمعِ أوجه القراءات وتتبعها.

وهذه المرحلة قد تشارك الأولى من حيث الزَّمَنِ مع الاختلاف في المنهج والغاية، ويُمكنُ التمييز في هذه المرحلة بين نوعين من التدوين، هما:

١ - التدوين المختلط في كتب التفسير ومعاني القرآن والنحو. ويدخلُ تَحتَ هذه المرحلة ما دَوَّنَهُ المفسرون من أهل اللغة في كتب التفسير ومعاني القرآن والنحو من الاحتجاج للقراءات المتفرقة، حيث يذكرونَها عند بيانِ قراءةٍ من القراءات التي تَعرضُ لَهم أثناء التفسير، أو يكون فيها حجة نَحويةٌ لَهم، ومن أوائل الكتب التي ظَهَر فيها توجيه القراءات، والاستشهاد لها بشواهد الشعر كتاب سيبويه (ت ١٨٠ هـ). (٣) حيث ورد في كتابه عدد من القراءات التي استشهد بها على مسائل


(١) انظر: غاية النهاية ١/ ٤٢٦، معاني القرآن للفراء ١/ ١٧٦.
(٢) انظر: مجالس العلماء ٢٦٣، مجلة البحث العلمي بجامعة أم القرى، العدد ٤، ص ٨٢ - ٨٣.
(٣) سيبويه هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قَنْبَر، تلميذُ الخليل بن أحمد، ومُدَوِّنُ النحو في الكتاب. توفي سنة ١٨٠ هـ. انظر: مراتب اللغويين لأبي الطيب ٦٥، أخبار النحويين البصريين للسيرافي ٤٨.

<<  <   >  >>