للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ......... } [النساء: ١٠٠] (١) وهو يوجه قراءة من قرأ برفع الكافِ من قولهِ: {يُدْرِكْهُ}: «وقرأ طلحة بن سليمان، وإبراهيم النخعي فيما ذكر أبو عمرو (ثُمَّ يُدْرِكُهُ) برفع الكاف (٢)، قال أبو الفتح (٣): هذا رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: ثم هو يدركه الموت، فعطف الجملة من المبتدأ والخبر على الفعل المجزوم بفاعله، فهما إذن جملة، فكأنه عطف جملة على جملة، وعلى هذا حمل يونس بن حبيب قول الأعشى:

إِنْ تَركبُوا فَرُكوبُ الخَيلِ عادتُنا ... أَو تَنْزِلونَ فإِنَّا مَعشَرٌ نُزُلُ (٤)

المراد: وأنتم تنزلون، وعليه قول الآخر (٥):

إِنْ تُذنِبُوا ثُمَّ تَأتِينِي بَقِيَّتُكُمْ ... فما عليَّ بذنبٍ عندكُمْ فَوتُ (٦)

المعنى: ثم أنتم تأتيني، وهذا أوجهُ مِنْ أَن يَحمِلَه على قول الآخر (٧):

..................... ... أَلَمْ يأتِيكَ والأَنباءُ تَنْمِي». (٨)

فَجعلَ ابنُ عطيةَ حَملَهُ على شاهد شعري دون آخر، لمناسبته.


(١) النساء ١٠٠.
(٢) قرأ الجماعة بسكون الكاف. انظر: المحتسب ١/ ١٩٧، وطلحة بن سليمان مقرئ متصدر، أخذ القراءة عن فياض بن غزوان عن طلحة بن مصرف. انظر: التبيان للعكبري ١/ ٣٨٥، الدر المصون ٢/ ٤٢٠.
(٣) هو أبو الفتح عثمان بن جني. انظر: المُحتسَب ١/ ١٩٧.
(٤) انظر: ديوانه ١١٣.
(٥) هو رويشد بن كثير الطائي.
(٦) انظر: ديوان الحماسة ٥٤، شرح الحماسة للمرزوقي ١/ ١٦٦.
(٧) هو قيس بن زهير، شاعر جاهلي. انظر: الحماسة البصرية ١/ ١٦٣.
(٨) صدر بيت، عَجزهُ: بِما لاقتْ لبونُ بَنِي زيادِ. انظر: خزانة الأدب ٨/ ٣٦١ وهو شاهد مشهور.

<<  <   >  >>