للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَبَّادٌ الذي في الشاهد هو عَبَّادُ بنُ حُصينٍ الحَبَطيُّ (١)، والكَفِيءُ فَعِيلٌ بِمَعنى الكُفْءِ، ومعنى البيت أَنَّ عَبَّادَ بن حصينٍ كان كُفْئًا لِدارمِ بن مالكٍ التميمي، وكُفْئًا لهاشمِ بن عبدِ منافِ جَدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأَشارَ إليه بصاحبِ الحُجُراتِ أخذًا من الآية الكريِمة. قال المُبَرِّدُ في شرح البيت: «يعني بني هاشم، من قول الله عَزَّوَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} (٢)». وقال ابن منظور: «والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال ... والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغاتٌ كُلُّها». (٣) ولم ينص على الفصحى منها كما فعل الطبري.

ثالثًا: وقد تكون اللفظة ليست عربيةَ الأَصلِ، ولكنَّ العربَ عَرَّبتها وأَدخلتَها في لُغتِها قبلَ نزول القرآنِ، فوردت في القرآن بعد ذلك. وهذه مسألةٌ اختلف فيها العلماء، ولهم فيها أَقوالٌ معروفة في كتب علوم القرآن، وهي ما يُسمَّى بالمُعَرَّبِ. (٤) وقد يتعرَّضُ المُفسِّرُ في أثناء تفسيرهِ لبعض المفردات للنص على أصلها، ويستشهد على ذلك بشواهد الشعر. ومن ذلك قول ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: ١٣] (٥) وهو يُوَجِّه قراءة حَمزة والكسائي حيث قرأ الاثنان: {قَسِيَّةً} على وَزنِ فَعيلة (٦): «وحكى الطبريُّ (٧) عن قومٍ أَنَّهم قالوا: قَسِيَّةٌ، ليست من معنى القسوة،


(١) كان من أشد الناس وأشجعهم، وهو صاحب البغلة الشهباء. انظر: المحبر لابن حبيب ٢٢٢، خزانة الأدب ١٠/ ٢١٣.
(٢) الكامل ١/ ٨٩، خزانة الأدب ١٠/ ٢١٢.
(٣) لسان العرب ٣/ ٥٨ (حجر).
(٤) انظر: الصاحبي ٢٨ - ٣٠، البرهان في علوم القرآن ١/ ٣٨٢، والمهذب فيما وقع في القرآن من المُعَرَّب للسيوطي.
(٥) المائدة ١٣.
(٦) قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر {قَاسِيَةً} وقرأ حمزة والكسائي "قَسِيَّةً" انظر: السبعة ٢٤٣.
(٧) انظر: تفسير الطبري (هجر) ٨/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>