للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

] ٤ - ذكر ابن عطية عند تفسير قوله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [آل عمران: ١٥١] (١) ما حصل بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مع قريشٍ يوم أُحُدٍ، وكيف أَنَّ قريشًا بعد أن انتهت المعركة أخذت في طريقها إلى مكةَ، ثُمَّ بدا لهَم أن يعودوا لاستئصال المُسلمين مُستغلينَ جِراحاتِ جيش المسلمين، وكيف رَدَّهم معبدُ الخزاعي، وقال في ذلك أبياتًا من الشعر فقال ابن عطية: «فلمَّا سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناسُ بِمَا عزمت عليه قريشُ من الانصراف - أَي العودةِ للقتالِ، اشتدَّ ذلك عليهم، فسخَّرَ الله ذلك الرجلَ معبدَ بنَ أبي معبدٍ، وألقى بسببهِ الرعبَ في قلوب الكفار، وذلك أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ الخبرَ رَكبَ حتى لَحِقَ بأبي سفيانَ بالروحاءِ، وقريشٌ قد أَجْمعوا الرجعةَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فلمَّا رأى أبو سفيان مَعبدًا قال: ما وراءَك يا معبدُ؟ قال: مُحمدُ قد خرجَ في أصحابه يطلبُكُم في جَمعٍ لم أَرَ مثلَه قطُّ يتحرَّقونَ عليكم، قد اجتمعَ إليه مَنْ كانَ تَخلَّف عنهُ، ونَدِموا على ما صنَعوا، قال: ويلَك ما تقول؟ قال: والله ما أرى أن تَرتَحلَ حتى تَرى نواصيَ الخيلِ، قال: فوالله لقد أَجْمعنا الكرَّةَ عليهم لنستأصِلَ بقيتَهم، قال: فَإِنِّي أَنْهاكَ عن ذلك، والله لقد حَمَلني ما رأيتُ على أَنْ قلتُ فيه شعرًا، قال: وما قلتَ؟ قال: قلت:

كادَتْ تُهَدُّ من الأَصواتِ راحِلَتِي ... إِذْ سالتِ الأَرضُ بالجُرْدِ الأَبَابِيْلِ

تَرْدِي بأُسْدٍ كِرامٍ لا تَنَابِلَةٍ ... عندَ اللقاءِ، ولا مِيلٍ مَعازِيلِ

فَظَلْتُ عَدوًا أَظُنُّ الأرضَ مَائِلَةً ... لَمَّا سَمَوا بِرئيسٍ غَيْرِ مَخذولِ (٢)

إِلى آخرِ الشِّعْرِ.


(١) آل عمران ١٥١.
(٢) الهَدُّ: الهدمُ الشديد، الجُرْدُ: جَمعُ أَجرَد، وهو الفَرَسُ الرقيقُ الشَّعَرِ، الأَبَابيلُ جَمع إِبَّالة: القطعة من الخيل والإبل، تَرْدِي: تَمشي مَشيًا فيه تبختر، التَّنَابِلَةُ: القِصَارُ، واحدهم تِنبال، مِيْلٌ: جَمعُ أَميل، وهو الذي يَميلُ على السرج ولا يستوي عليه، مَعازيلُ: ليس معهم سلاح. انظر: السيرة النبوية ٢/ ١٢٨.

<<  <   >  >>