للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العالَمِ خالِقًا أبدًا، كل إنسان عاقِل إذا تَدبَّر أدنى تَدبُّر في هذا الكونِ علِمَ أن له رَبًّا مُدبِّرًا، ولا يُمكِن أن يُنكِر.

فائدة: هُناك قولٌ أن فِرعونَ أَصلُه عرَبيٌّ وَيقولون: اسمُه مُصعَب بنُ رَيَّان. ونَقول: مَن قال هذا؟ فِرعونُ قِبطيٌّ وخَبيث، وهو بَريء من العرَب، والعرَب بَريئون منه، لكن اليَهود من المُمكِن أنهم هم مَن قالوا هذا الكَلامَ؛ لأن اليَهود من بني إسرائيلَ، وفِرعونُ عَدُوُّهم، والعرَب الآنَ أعداؤُهم، فأَرادوا أن يَضَعوا آلَ فِرعونَ معَهم.

فقوله هنا: {بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} الذي يَظهَر لنا أنه إيمان دَعوى، يَعنِي يَقول: نُؤمِن بأن هذا شَريك مع الله، يَقولونه بأَلْسِنتهم، أمَّا في قَرارة قُلوبهم فلا نَظُنُّ أن أحَدًا يُنكِر أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى واحِد، وقد يُقال: إن المُراد بقوله: {إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} تَوْحيد الأُلوهية. يَعنِي: يَكفُرون بتَوْحيد الأُلوهية، ويُؤمِنون بالشِّرْك في الأُلوهية؛ لأنهم يُؤمِنون بأن هذه الآلهِة تُقرِّبهم إلى الله زُلفَى، فإِذَنْ هم مُؤمِنون بالله رَبًّا، وُيؤمِنون بالأصنام شُفَعاءَ.

ولا شَكَّ أنَّ عِبادة الرُّهبان والأحبار بالمَعنى الذي فسَّره الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليسَت كعِبادة الأصنام، لأنَّ عِبَادة الأصنام عِبادة تَقَرُّب وخُضُوع، وعِبَادَةُ الأحبار والرُّهْبَان عِبادة اتِّباع، ولا شَكَّ أنها عِبادة كما جاء في الحديث.

وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا} [التوبة: ٣١]، فإذا كانت عِبادة الأَحْبار والرُّهبان كعِبادة المَسيحِ ابنِ مَريمَ، لزِم من هذا أنهم

<<  <   >  >>