الله تعالى:{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الروم: ٢٧]، المَثَل يَعنِي: الوصف الأعلى في السَّموات والأرض.
وعُلوُّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عُلوًّا مَعنَويًّا، وهو عُلوُّ الصِّفة أَمْر مجُمَع عليه، لم يُخالِف فيه أحَد من أهل المِلَّة حتَّى المُعطِّلون الذين يُنكِرون صِفاتِ الله عَزَّ وَجَلَّ، إنَّما أَنكَروها بِناءً على تَنزيههم لله عَزَّ وَجَلَّ عن مُشابَهة المَخلوقين، وإن كانوا أَخطَؤوا الطريق لكن هم يَقولون: نحن نَقول هذا تَنزيهًا لله؛ ولهذا يُسمُّون الذين يُثبِتون الصِّفات: المُشبِّهة، والمُجَسِّمة، والحَشوية، وما أَشبَهَ ذلك، ويَرَوْن أنفسهم هم أهلَ التَّوْحيد! .
فعُلوُّ الصفة لم يُنكِره أحَد من أهل المِلَّة، حتى أهل البِدَع يُقِرُّون بذلك.
وأمَّا عُلوُّ الذات فهو مَحَلُّ الصِّراع بين أهل السُّنَّة والجَماعة، وبين أهل التَّعطيل، فأهل السُّنَّة والجماعة يُؤمِنون بأن الله تعالى عالٍ على خَلْقه بنَفْسه، وأهل التَّعطيل يُنكِرون ذلك، ثُم انقَسَموا إلى قِسْمين:
قِسْم قالوا: إنَّ الله في كل مَكان؛ في السماء، وفي الأرض، وفي الأَسْواق، وفي المَساجِد، وفي البُيوت، وفي كلِّ مَكان.
وقسْم آخَرُ قالوا: لا يُوصَف أنه في مَكان، فلا يُقال: فوقَ العالَمِ، ولا في العالَم، ولا تَحتَه، ولا يَمينَه، ولا شِماله، ولا مُتَّصِل بالعالَم، ولا مُماسٌّ له، وهذا هو التَّعطيل المَحْض؛ لأننا لو أَرَدْنا أن نَصِف المَعدوم لم نَجِد أَبلَغَ من هذا الوَصْفِ، إِذَنْ خالَف في عُلوِّ الذات طائِفَتان:
الطائِفة الأُولى، قالت: إنَّ الله في كل مَكان بنَفْسه، وهو قَولٌ قِيل حقيقةً، ولكن لا تَظُنُّوا أنه تَصوُّر، فيُوجَد الآنَ مَن يَعتَقِدون أن الله في كل مَكان، إن جِئْت السُّوق