وجَدْته في السوق، وإذا قالوا: بالجَبْر قالوا: في السُّوق يَبيع وَيشتَري؛ لأن فِعْل العَبْد مَنسوب إلى الله تعالى، فإذا كان الذي في السُّوق هو في السُّوق، وفِعْل العبد فِعْله لصار يَبيع وَيشتَري! ! وإذا جِئْت المَسجِد كان في المَسجِد، يُصلِّي أو يَقعُد! لا نَدرِي! إذا أَتَيْت في أي مَكان وجَدْته فيه. نَسأَل الله العافِيةَ! هذا من لازِم قولهم.
ونحن نَفصِل هذا عن مَسأَلة الجَبْر حتى لا نَصِل إلى نِهاية سَيِّئة جِدًّا، نَقول: هُم يَقولون: إنَّ الله في كل مَكان، حتى قال لهم أَهْل السُّنَّة: كيف يُمكِن أن تَقولوا: إنه في أماكِن القَذَر والأذَى؟ قالوا: نَقول: إذا دخَلْت أنت المَكان صار الله معَك، أيُّ مَكان تَدخُله فالله معَك.
فإن قال قائِل: الذين أنكروا علوّ الذات يستدلّون بآية {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ}.
فالجوابُ:{فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥]، هل هذا يُنافِي العُلوَّ حتى يَكون دليلًا على عَدَمه؟ فيُمكِن أن يَكون الشيء فوقَك وهو أمامَك، هذا في المَخلوق، فكيف بالخالِق المُحيط بكُلِّ شَيْء؟ ! ثُم كيف نُورِد آية تُحتَمَل على آياتٍ محُكَمة لا تُحتَمَل وهو العُلوُّ؟ انتَبِهوا لهذا؛ لأن أهل الباطِل يُورِدون المتشابِه على المُحكَم، ولا يَحمِلون المتشابِه على المُحكَم، يُورِدون المتشابِه على المُحكَم؛ ليُناقِضَه، وليسوا يَحمِلون المتشابِه على المُحكَم ليَكون محُكمًا، وهذا هو البَلاء، قالت عائِشةُ - رضي الله عَنهَا -: "إِذا رَأَيْتُمُ الَّذينَ يَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذينَ سَمَّى الله فَاحْذَرُوهُمْ" هكذا روَتْه عن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهَ وَسَلَّمَ (١).
(١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ}، رقم (٤٥٤٧)، ومسلم: كتاب العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن، رقم (٢٦٦٥).