للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه مَسأَلة أُحِبُّ أن أُنبِّهَكم عليها، وهو أنه إذا ورَدَت آيات مُتعارِضة، وأحادِيثُ مُتعارِضةٌ، فلا تُورِدوها على أَنْفُسكم على أنَّها مُتعارِضة، أَوْرِدوها على أَنفُسِكم على أنكم تَطلُبون الجمع بينها، لتُوفَّقوا للجمع، أمَّا إذا أَوْرَدْتم هذه على أنَّها مُتعارِضة بقِيَت مَحَلَّ إشكال، وأنا دائمًا أَنْهاكم عن هذا، أَقول: لا تُورِدوا الآياتِ المتشابِهةَ التي ظاهِرها التَّعارُض، أو الأحاديث كذلك على أنها مُتعارِضة، أَوْرِدوها على أنَّكُم تُريدون الجَمْع بينها، لا أن بَعضَها مُعارِض لبعض، حتى تُهْدَوْا إلى الصِّراط المُستَقيم؛ لأن هُناك فَرْقًا بين الإيراد وبين الرَّدِّ، إيراد المُتَشابِه على المُحكَم مَعناه: أنه يَطلُب التَّعارُض، لكِنْ رَدُّ المُتَشابِه إلى المُحكَم هذا معناه أنه حاوَل الجمْع دون أن يَتصوَّر التَّعارُض، وهذه المَسأَلةُ كما تَكُون في الأُمور العِلْمية تَكُون أيضًا في الأمور العمَلية.

أحيانًا تَرِد عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صِفاتٌ في عِبادة واحِدة، فيَظُنُّ الظانُّ أن هذا تَعارُض، لكن نَقول: لا تَقرَأْها ولا تُورِدْها على نفسك على أنها مُتَعارِضة، لا، أَورِدْها على أنك تَجمَع بينها، فتَحمِل هذه على وجهٍ وهذه على وَجهٍ، وأكثَرُ ما يَكون الشَّكُّ للطالِب أنه يُورِد الآياتِ المُتعارِضة التي ظاهِرُها التَّعارُض، أو الأحاديث التي ظاهِرُها التَّعارُض على أنها مُتعارِضة، لكن لو أَورِدْها على أنه يُرَدُّ بعضُها إلى بعض، ويُضَمُّ بعضُها إلى بعض، لوَجَد وجهًا ومَخرَجًا ممَّا كان يَظُنُّ، وهذا شيء إذا فعَلتموه ستَنْتَفِعون به، إن شاء الله.

فالذين قالوا: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، يَدُلُّ على عدَم العُلوِّ فيُعارِض أدِلَّة العُلوِّ. نَقول: مَن قال هذا؟ ! مَن قال: إنه يَدُلُّ على عدَم العُلوِّ؟ ! وإذا كان الشيءُ مُقابِلًا لك فلا يَلزَم أن يَكون محُاذِيًا لك، قد تَقول:

<<  <   >  >>