الجواب: بل رآه أفضَلَ، فيَكون كافِرًا، مع أن مَن استَحَلَّ الحُكْم بغير ما أَنزَلَ الله، وإن لم يَحكُم به فهو كافِر، فمَن قال:"إنه يَحِلُّ أن نَحكُم بغير ما أَنزَل الله"، فهو كافِر وإن لم يَحكُم به.
وهذه مُشكِلة، فكثيرًا ما يَلجَأ بعض الناس إلى الاستِحْلال أو إلى الجُحود، فمثَلًا يَقول: مَن ترَك الصلاة جاحِدًا فقد كفَرَ. وهذا تَحريف للكلِم عن مَواضِعه.
وهذه مَسأَلة يَلجَأ إليها المُتعَصِّب لقوله، فيُحاوِل أن يَلوِيَ أعناق النُّصوص إلى ما يَقول، فمثَلًا:"مَنْ ترَكَ الصَّلَاةَ فَقَدْ كَفَرَ"(١) الذين قالوا: لا يَكفُر. قالوا: مَن ترَكَها جاحِدًا لوُجوبها فقد كفَر، نحن نَقول: سُبحان الله! أنتم إذا فعَلْتم ذلك جنَيْتم مرَّتَيْن على كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
المرَّة الأُولى: حَمْلكم الكلام على غير ظاهِره.
والمرَّة الثانية: إثبات أَمْر لم يَقُله الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَنْ تَرَكَهَا"، ولم يَقُل: مَن جحَدها، هل في لِسانه عِيٌّ أن يَقول: مَن جَحَدَها.
ثُم نَقول لكم: الجَحْد كُفْر وإن صلَّى، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يَقول:"مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ" لو أن الإنسان قال: إنَّ الصلاة لَيْسَت بواجِبة، ولكنه يُواظِب عليها، وهو أوَّل مَن يَأتِي للمَسجِد، وآخِرُ مَن يَخرُج؛ فإنه يَكفُر، كيف تُلغون وَصْف التَّرْك، وتَأتون بوَصْف جديد تُعلِّقون به الحُكْم؟ ! وهذه مُشكِلة.
ولمَّا قيل للإمام أَحمدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا
(١) أخرجه ابن حبان رقم (١٤٦٣)، من حديث بريدة - رضي الله عنه -.