للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْألةٌ: رجُل دخَل في الصلاة مُخلِصًا، فحضَر إنسان فَرَاءَاهُ، ثُمَّ ذهَب الإنسان فعاد إلى الإخلاص؟

فالجوابُ: إذا بطَلَت العِبادة لا تَعود صَحيحة، فهذا تَبطُل عِبادته؛ لأنَّ مُراقَبته لغير الله أشَدُّ من مُراقَبَته لله - عَزَّ وَجَلَّ -، لم يُراقِب الله إلَّا حين ذهَبَت مُراقَبة الناس، فهذا عِبادته باطِلة ولا شَكَّ، ولعَلَّه إن جاء آخَرُ يُحدِث رياء، وإذا ذهَب ذهَب الرِّياء، فإن جاء آخَرُ يَحدُث رِياء.

فإن قال قائِل: إذا دخَل المَرْء في الصلاة مُرائِيًا، ثُم دافَع الرِّياء، فهَلْ تَصِحُّ؟

فالجَوابُ: إذا بدَأ مُطمَئِنًّا للرِّياء فلا تَنعَقِد عِبادته، لكن هنا مَسأَلة لو أن الرجل حسَّن عِبادته لتعليم الناس، لم يَقصِد أن يَمدَحوه على عِبادته، أو يَتقَرَّب إليهم بالعِبادة، لكن من أَجْل أن يَتَّخِذ الناس منه أُسوة، فهذا لا يَدخُل في الرِّياء، هذا يَدخُل في التعليم، وهو مَأْجور على ذلك، لكن فَرْق بين هذا وبين شخص يُريد أن يَمدَحه الناس على صلاته.

فإن قال قائِل: هل من الرِّياء أن يُظهِر الإنسان بعضَ ما عِنده لأَجْل ألَّا يُذَمَّ؟

فالجَوابُ: دَفْع المَلامة فيه حَديث: "رَحِمَ الله امْرَأً كَفَّ الغِيبَةَ عَنْ نَفْسِهِ" (١)، وأيضًا الرَّسول - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لمَّا خرَج بصَفيَّةَ ليَقلِبها ليلًا، فمَرَّ به رجُلان من الأنصار فأَسرَعا، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ" (٢) دفَعًا للمَلامة عن نفسه، هو مُخلِص لله، لكن يُريد مع ذلك أن يَدفَع المَلامة


(١) لا أصل له، وانظر: كشف الخفاء للعجلوني رقم (١٣٦٧).
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الاعتكاف، باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه، رقم (٢٠٣٨)، ومسلم: كتاب السلام، باب يستحب لمن رئي خاليا بامرأة. .، رقم (٢١٧٥)، من حديث صفية - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>