للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن نَفْسه؛ لئَلَّا يُقال: إنه بَخيل. مثَلًا، أو لئَلَّا يُقال: إنه لا يُصلِّي مع الجماعة. وما أَشبَهَ ذلك، وأصلُ النِّيَّة لله، لكن لدَفْع المَلامة لا ليُمدَح، فبينهما فَرْق بين مَن قَصْده المَدْح، أو مَن قَصْده دَفْع المَلامة.

فإن قال قائِل: التَّمنِّي هل يَدخُل في الرِّياء. يَعنِي مثَلًا لو كان يَقرَأ القُرآن، وتَمنَّى في نَفْسه لو أن فُلانًا يَسمَع قِراءته؟

فالجوابُ: هذا رِياءٌ لا شَكَّ - يَعنِي: ليَقول: إنه قارِئ وإنه عابِد - لأنَّه هو الآنَ في قَلْبه أنَّه لو كان فُلان حاضِرًا لرآه، لكن يَجِب أن تَعلَم أن النِّيَّة لا تَصِل إلى درَجة العمَل لا في الثَّواب، ولا في العِقاب.

فإن قال قائِل: بالنِّسبة لرَجُل عمِل لوَجْه الله، لكن بعدَما أَنهَى العمَل مدَحه الناس؛ فأَحبَّ ولم يَقصِده من الأوَّل، وإنما سُرَّ بمَدْح الناس له؟

فالجوابُ: لا يَضُرُّ هذا، بل هذا من عاجِل بُشْرى المُؤمِن أن يَجِد الإنسان ثَوابَ عمَله مُقدَّمًا، والثواب الأُخروِيَّ في الآخِرة.

مسألةٌ: هل يَجوز أن أَذهَب إلى رجُل عاصٍ لأَدعُوَه؟ وكيف إذا ضاق صَدْري؟

فالجَوابُ: اذهَبْ، ما دُمْت تُريد الذَّهاب للدَّعوة، فاذْهَبْ إليه، وإذا ضاق صَدْرك فاصبِرْ؛ فحتى مَن يَدعو الناس في المَسجِد وفي السُّوق، يَضيق صَدْره إذا رآهم على مُنكَر. اصبِرْ ما دُمْت تُريد أن تَدعوَه، أمَّا إذا ذهَبْت تُريد أن تُكرِمه فلا يَجوز.

تنبيه: مِمَّا لا شَكَّ فيه أنَّ الدعوة إلى الله برِفْق أَقرَبُ إلى النَّتائِج الطَّيِّبة بالعُنْف؛ لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: "إِنَّ الله رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ"

<<  <   >  >>