للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَتأخَّر عن الدوام، أو يَتعَجَّل في الخُروج؛ لأنَّ مَن فعَل ذلك فهو سارِق.

وإذا قدَّرنا أنَّه يَتأخَّر عن الدوام بمِقدار السُّدُس، أو يَتعَجَّل بمِقدار السُّدُس، فقد سرَق سُدُسًا؛ لأنه إذا تَأخَّر السُّدُس لا يَستَحِقُّ من الراتِبة إلَّا خمسة أَسداس فقَطْ، والباقِي يَأخُذه بغَيْر حقٍّ، هو مُطمَئِنٌّ لأنه ليس فَوقَه أحَد، هو المُدير مثَلًا، أو مُطمَئِنٌّ؛ لأنَّ مُديرُه يَتأخَّر، ومَعلوم أن المُدير إذا كان يَتَأخَّر وتَأخَّر مَن تَحتَه أنَّه لا يَقول لهم شَيئًا؛ لأنه لو قال لهم شَيئًا فضَحَ نَفْسه.

إِذَنِ: احذَرْ أن تَغتَرَّ إذا يسَّر الله لك أسباب المَعْصية، فإن الله يَعلَم خائِنة الأعيُن وما تُخفِي الصُّدور، لا تَغتَرُّ بهذا الشيءِ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: النِّداء الصارِخ على سَفاهة هَؤلاءِ القَوْمِ الذين يَعبُدون من دون الله؛ لكونهم عدَلوا عن عِبادة مَن يَقضِي بالحَقِّ إلى عِبادة مَن لا يَقضِي بشَيْء، وهذا في غاية السَّفَه.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إثبات اسمَيْن من أسماء الله، هُما السميع والبصير، وإثبات ما دَلَّا عليه من صِفة، وإثبات ما دَلَّا عليه من أثَرٍ، أو من حُكْم؛ وذلك أن أسماءَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - لا يَتِمُّ الإيمان بها إلَّا بالإيمان بأمور ثَلاثة، إذا كانت مُتعدِّية، الأوَّل: إثبات الاسم، والثاني: إثبات ما دَلَّ عليه من الصِّفة. والثالث: إثبات ما دَلَّ عليه من أثَرٍ، أو من حُكْم. هذا إذا كان مُتَعدِّيًا، أمَّا إذا كان لازِمًا، فلا يَتِمُّ الإيمان به إلَّا بأَمْرين: إثبات الاسم، وإثبات ما دَلَّ عليه من صِفة.

فقوله: {السَّمِيعُ} مُتَعَدٍّ، قال الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ} [المجادلة: ١]، ثمَّ قال تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: ١] مُتَعدٍّ.

إِذَنْ: لا بُدَّ أن تُؤمِن بالسَّميع اسمًا من أسماء الله.

<<  <   >  >>