للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجوابُ: نعَمْ، هناك من المُعطِّلة المُنتَسِبين للمِلَّة الإِسلامية مَن يُنكِر أسماء الله تعالى.

الأمر الثاني: أن تُؤمِن بما دَلَّ عليه من صِفة وهي السَّمْع، فليس الله تعالى سَميعًا بلا سَمْع، بل هو سَميع بسَمْع، وهل أحَدٌ أَثبَتَ الاسم دون الصِّفة؟

الجوابُ: نعَمِ، المُعتَزِلة، وقاعِدتُهم: إثباتُ الأسماء وإنكارُ الصِّفات التي دلَّتْ عليها هذه الأسماءُ؛ فيَقولون: إن الله سَميع بلا سَمْع، بَصير بلا بصَر. سُبحانَ الله! كيف بَصيرٌ بلا بصَرٍ؟ ! قال: نعَمْ بَصير بلا بصَرٍ، لأنك إذا أَثبَتَّ البصَر فالبصَرُ صِفة زائِدة على الذات. أي: نعَمِ الصِّفة غيرُ المَوْصوف زائِدة على الذات.

فإن قلت: إنها قَديمة. أَثبَتَّ تَعدُّد القُدَماء، وصِرْت أَكفَرَ من النَّصارى، فالنصارى أَثبَتوا ثلاثة آلهِة، أنتَ الآنَ تُريد أن تُثبِت خَمسين إِلهًا أو أكثَرَ، بقَدْر الأَسماء التي أَثبَتَّ لها الصِّفة، وهذا كُفْر، فإذا كفَّرْنا النَّصرانيَّ بثَلاثة وقُلنا: كافِر. نَقول: أنت كافِر، كافِر، كافِر. اضرِب ثلاثة حتى تَصِل إلى الأسماء، أنت أَكفَرُ من النَّصْراني إذا أَثبَتَّ صِفة قديمة، وإن أَثبَتَّها حادِثة لزِم من ذلك قيام الحَوادِث بالله، والحَوادث لا تَقوم إلَّا بحادِث، فتَكون أنت أَثبَتَّ أن الله مَخلوق، وأنه حادِث.

فما بالُكم إذا صِيغ هذا الكَلامُ بكلام أفصَحَ من كلامِي وأَبلَغَ؛ أفلا يَنخَدِع به الجُهَّال؟ يَنخَدِعون به لا شَكَّ، لكننا نَقول: إن الله تعالى سَميع بسَمْع، ولا يُعقَل أن يَكون مُشتَقٌّ بدون ما اشتُقَّ منه أبَدًا، إذ لا يَصِحُّ أن تَقول للأصَمِّ: إنه سَميع. ولا للأَعْمى: إنه بَصير. لا يُمكِن أن يُوجَد اسم مُشتَقٌّ في جميع لُغات العالَم إلَّا والأصل المُشتَقُّ منه سابِق عليه.

<<  <   >  >>