للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا قولكم: إن الصِّفة غير المَوْصوف، فإننا نَقول: إن الله تعالى لم يَزَل ولا يَزال بصِفاته، ولا يُوجَد ذاتٌ بلا صِفاتٍ إطلاقًا، مَن ادَّعَى أنَّه يُوجَد ذاتٌ بلا صِفةٍ، فقَدِ ادَّعى المُحال، ما من مَوْجود إلَّا وله صِفة، لو لم يَكُن من صِفاته إلَّا صِفة الوُجود، والقِيام بالذات، وما أَشبَه ذلك، فما من مَوْصوف إلَّا وله صِفة، لكن المَوْصوف صِفاته ليسَت شيئًا بائِنًا منه؛ ولهذا لا نَقول: إن صِفاتِ الله هي الله، ولا نَقول: إنها غيرُ الله. بل نَقول: إن الله بصِفاته. لأنَّك إذا قلتَ: إن الصِّفاتِ هي الله، صار مَعناه: أنَّه لا صِفةَ له، وإذا قلتَ: إنها غيرُه. أَبَنْتَ الصِّفة عن المَوْصوف، وهذا مُستَحيل.

إِذَنِ: الإيمان بالاسم لا بُدَّ أن تُؤمِن بما تَضمَّنه من صِفة، وتَضمَّنه للصِّفة قد يَكون تَضمُّنًا وقد يَكون التِزامًا، فنُؤمِن بالصِّفة التي دلَّ علَيْها تَضمُّنًا والتِزامًا، فمثَلًا: الخالِق اسمٌ دلَّ على صِفة الخَلْق، فدَلالته على صِفة الخَلْق بطَريق التَّضمُّن، ودَلالته على العِلْم التِزام؛ لأنه لا خَلْقَ إلَّا بعِلْم، ودَلالته على القُدرة التِزام أيضًا؛ لأنَّه لا خَلقَ إلَّا بقُدْرة.

إِذَنْ: تُؤمِن بما دلَّ عليه الاسم من صِفة سواء كانَت تَضمُّنًا أو التِزامًا.

الأمر الثالِث: إذا كان الاسمُ مُتَعدِّيًا الأثَر أو الحُكْم، فمِثْل السَّميع ذو السَّمع، الذي يَسمَع، لا بُدَّ أن تُؤمِن بسَمْع يَتَعدَّى للغير، فيَسمَع كلَّ قول، البَصير كذلك مُتَعدٍّ، تُؤمِن بالبَصير اسمًا وبالبصَر صِفةً، وبأنه يُبصِر حُكْمًا أو أثَرًا، أمَّا إذا كان الاسم لازِمًا؛ فإنه يُؤمِن بأمرين: الأوَّل الاسم، والثاني: الصِّفة.

الحيُّ: وَصْف لازِم، والحَياة وَصْف لازِم لا يَتَعدَّى لغير الله؛ فالحيُّ إِذَنِ اسمٌ من الأسماء اللازِمة، فتُؤمِن بالحَيِّ اسمًا من أسماء الله، وتُؤمِن بالصِّفة التي دَلَّ عليها الحيُّ وهي الحياة.

<<  <   >  >>