إذا آمَنَّا بهذا خالَفْنا كل أهل التَّعْطيل، خالَفْنا مَن لا يُسمِّي الله باسْمٍ، ولا يَصِفه بصِفة، وهؤلاء غُلاةُ الجَهْمية، وخالَفْنا مَن يُؤمِن بأن لله أسماءً ولكن لا صِفاتِ له، مثل: المُعتَزِلة، وخالَفْنا مَن يقول: له أسماءٌ وصِفاتٌ، لكن ليس لها حُكْم، لا يَتَعدَّى؛ لأنه لو تَعدَّى إلى الغير لزِم قِيام الحوادِث به، إِذْ إنَّ المَسموع حادِث، فإذا تَعلَّق السَّمْع بحادِث صار السَّمْع حادِثًا حُدوث المَسموع، فلزِم قِيام الحوادِث به، إِذَنْ قُلْ: هو سَميع له سَمْع، لكن لا يَسمَع به، لئَلَّا تَقوم به الحَوادِث؛ فإذا أَتَيْنا على هذه الشروطِ الثَّلاثة:
١ - الإيمان بالاسْمِ.
٢ - بما تَضمَّنه من صِفة.
٣ - بالأَثَر أو الحُكْم.
صحَّ إيمانُنا بالأسماء.
أمَّا السَّميع والبَصير فقد سبَقَ لنا مَعناهُما، وذكَرْنا أنَّ السَّميع يَدُلُّ على السَّمْع،
وأنَّ سَمْع الله تعالى نوعان:
الأوّل: سَمْع بمَعنَى: الإجابة، مثل قوله تعالى:{إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}[إبراهيم: ٣٩]، والسَّمْع يَأتِي بمَعنَى الاستِجابة في اللُّغة العرَبية، والدليلُ:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} أي: لا يَستَجيبون. ومنه قولُ المُصلِّي - وأنتُمْ كل يَوْم تُصلُّون على الأقَلِّ سبعَ عشْرَةَ رَكعةً، وتَقولون -: سمِعَ الله لمَن حَمِدَه. ومَعناها: استَجاب. ليس المعنى مجُرَّد سَماعه لمَن حَمِده، لأنَّ هذا لا يُفيد شَيْئًا، لكن مَعناها استَجاب، هذا سَمْع بمَعنى الاستِجابة.